بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٥٢
الأول قاتل وذكر القدوري رحمه الله ان هذا على وجهين إن كانت الضربة مما يلي العجز لم تؤكل الشاة وإن كانت مما يلي الرأس أكلت لان العروق المشروطة في الذبح متصلة من القلب إلى الدماغ فإذا كانت الضربة مما يلي الرأس فقد قطعها فحلت وإن كانت مما يلي العجز فلم يقطعها فلم تحل وأما خروج الدم بعد الذبح فيما لا يحل الا بالذبح فهل هو من شرائط الحل فلا رواية فيه واختلف المشايخ على ما ذكرنا فيما تقدم وكذا التحرك بعد الذبح هل هو شرط ثبوت الحل فلا رواية فيه أيضا عن أصحابنا وذكر في بعض الفتاوى انه لابد من أحد شيئين اما التحرك واما خروج الدم فإن لم يوجد لا يحل كأنه جعل وجود أحدهما بعد الذبح علامة الحياة وقت الذبح فإذا لم يوجد لم تعلم حياته وقت الذبح فلا يحل وقال بعضهم ان علم حياته وقت الذبح بغير التحرك يحل وان لم يتحرك بعد الذبح ولا خرج منه الدم والله أعلم (ومنها) ما يخص الذكاة الاضطرارية وهو أن لا يكون صيد الحرم فإن كان لا يؤكل ويكون ميتة سواء كان المذكى محرما أو حلالا لان التعرض الصيد الحرم بالقتل والدلالة والإشارة محرم حقا لله تعالى قال الله تعالى أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم وقال النبي عليه الصلاة والسلام في صفة الحرم ولا ينفر صيده والفعل في المحرم شرعا لا يكون ذكاة وسواء كان مولده الحرم أو دخل من الحل إليه لأنه يضاف إلى الحرم في الحالين فيكون صيد الحرم وأما الذي يرجع إلى آلة الذكاة (فمنها) أن يكون ما يصطاد به من الجوارح من الحيوانات من ذي الناب من السباع وذي المخلب من الطير معلما لقوله تعالى وما علمتم من الجوارح معطوفا على قوله سبحانه وتعالى يسئلونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات أي أحل لكم الطيبات وأحل لكم ما علمتم من الجوارح أي الاصطياد بما علمتم من الجوارح كأنهم سألوا النبي عليه الصلاة والسلام عما يحل لهم الاصطياد به من الجوارح أيضا مع ما ذكر في بعض القصة ان النبي عليه الصلاة والسلام لما أمر بقتل الكلاب أتاه ناس فقالوا ماذا يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها فنزل قوله تعالى جل شأنه يسألونك الآية ففي الآية الكريمة اعتبار الشرطين وهما الجرح والتعليم حيث قال عز شأنه وما علمتم من الجوارح لان الجوارح هي التي تجرح مأخوذ من الجرح وقيل الجوارح الكواسب قال الله عز شأنه ويعلم ما جرحتم بالنهار أي كسبتم والحمل على الأول أولى لأنه حمل على المعنيين لأنها بالجراحة تكسب وقوله تعالى مكلبين قرئ بالخفض والنصب وقيل بالخفض صاحب الكلب يقال كلاب ومكلب وبالنصب الكلب المعلم وقيل المكلبين بالخفض الكلاب التي يكالبن الصيد أي يأخذنه عن شدة فالكلب هو الاخذ عن شدة ومنه الكلوب للآلة التي يؤخذ بها الحديد وقوله جلت عظمته تعلمونهن أي تعلمونهن ليمسكن الصيد لكم ولا يأكلن منه وهذا حد التعليم في الكلب عندنا على ما نذكره إن شاء الله تعالى فدلت الآية الكريمة على أن كون الكلب معلما شرط لإباحة أكل صيده فلا يباح أكل صيد غير المعلم وإذا ثبت هذا الشرط في الكلب بالنص ثبت في كل ما هو في معناه من كل ذي ناب من السباع كالفهد وغيره مما يحتمل التعلم بدلالة النص لان فعل الكلب إنما يضاف إلى المرسل بالتعلم إذا المعلم هو الذي يعمل لصاحبه فيأخذ لصاحبه ويمسك على صاحبه فكان فعله مضافا إلى صاحبه فأما غير المعلم فإنما يعمل لنفسه لا لصاحبه فكان فعله مضافا إليه لا إلى المرسل لذلك شرط كونه معلما ثم لابد من معرفة حد التعليم في الجوارح من ذي الناب كالكلب ونحوه وذي المخلب كالبازي ونحوه أما تعليم الكلب فهو انه إذا أرسل اتبع الصيد وإذا أخذه أمسكه على صاحبه ولا يأكل منه شيئا وهذا قول عامة العلماء وقال مالك رحمه الله تعليمه أن يتبع الصيد إذا أرسل ويجيب إذا دعى وهو أحد قول الشافعي رحمه الله حتى لو إخذ صيدا فأكل منه لا يؤكل عندنا وعنده يؤكل (وجه) قوله إن كونه معلما إنما شرط للاصطياد فيعتبر حالة الاصطياد وهي حالة الاتباع فاما الامساك على صاحبه وترك الاكل يكون بعد الفراغ عن الاصطياد فلا يعتبر في الحد ولنا الكتاب والسنة والمعقول أما الكتاب فقوله عز وجل تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم في الآية الكريمة إشارة إلى أن حد تعليم الكلب وما هو في معناه ما قلنا وهو الامساك على صاحبه وترك الأكل منه لأنه شرط التعليم ثم أباح أكل ما امسك علينا فكان هذا إشارة إلى أن
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306