بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٧٧
العيوب أو قال من كل عيب واما إن كانت خاصة بان قال من عيب كذا وسماه وكل ذلك لا يخلو من ثلاثة أوجه إما ان قيد البراءة بعيب قائم حالة العقد واما ان أطلقها اطلاقا واما ان أضافها إلى عيب يحدث في المستقبل فان قيدها بعيب قائم حالة العقد لا يتناول العيب الحادث بعد البيع قبل القبض بلا خلاف سواء كانت البراءة عامة بان قال أبرأتك من كل عيب به أو خاصة بان قال أبرأتك مما به من عيب كذا لان اللفظ المقيد بوصف لا يتناول غير الموصوف بتلك الصفة وان أطلقها اطلاقا دخل فيه القائم والحادث عند أبي يوسف وعند محمد لا يدخل فيه الحادث وله أن يرده وهو قول زفر (وجه) قول محمد ان الابراء عن العيب يقتضى وجود العيب لان الابراء عن المعدوم لا يتصور والحادث لم يكن موجودا عند البيع فلا يدخل تحت الابراء فلو دخل إنما يدخل بالإضافة إلى حالة الحدوث والابراء لا يحتمل الإضافة لان فيه معنى التمليك حتى يرتد بالرد ولهذا لم يدخل الحادث عند الإضافة إليه نصا فعند الاطلاق أولى (وجه) قول أبى يوسف ان لفظ الابراء يتناول الحادث نصا ودلالة (أما) النص فإنه عم البراءة عن العيوب كلها أو خصها بجنس من العيوب على الاطلاق نصا فتخصيصه أو تقييده بالموجود عند العقد لا يجوز الا بدليل (وأما) الدلالة فهي ان غرض البائع من هذا الشرط هو انسداد طريق الرد ولا ينسد الا بدخول الحادث فكان داخلا فيه دلالة (وأما) قول محمد ان هذا ابراء عما ليس بثابت فعبارة الجواب عن هذا الحرف من وجهين أحدهما أن يقال هذا ممنوع بل هو ابراء عن الثابت لكن تقديرا وبيانه من وجهين أحدهما ان العيب الحادث قبل القبض كالموجود عند العقد ولهذا يثبت حق الرد به كما يثبت بالموجود عند العقد ولما ذكرنا ان القبض حكم العقد فكان هذا ابراء عن حق ثابت تقديرا والثاني ان سبب حق الرد موجود وهو البيع لان البيع يقتضى تسليم المعقود عليه سليما عن العيب فإذا عجز عن تسليمه بصفة السلامة يثبت له حق الرد ليسلم له الثمن فكان وجود تسليم المبيع سببا لثبوت حق الرد والبيع سبب لوجود تسليم المبيع فكان ثبوت حق الرد بهذه الوسائط حكم البيع السابق والبيع سبب فكان هذا ابراء عن حق الرد بعد وجود سببه وسبب الشئ إذا وجد يجعل هو ثبوتا تقديرا لاستحالة الحكم خلو الحكم عن السبب فكان ابراء عن الثابت تقديرا ولهذا صح الابراء عن الجراحة لكون الجرح سبب السراية فكان ابراء عما يحدث من الجرح تقديرا وكذا الابراء عن الأجرة قبل استيفاء المنفعة يصح وإن كانت الأجرة لا تملك عندنا بنفس العقد لما قلنا كذا هذا والثاني ان هذا ابراء عن حق ليس بثابت لكن بعد وجود سببه وهو البيع وانه صحيح كالابراء عن الجرح والابراء عن الأجرة على ما بينا بخلاف الابراء عن كل حق له أنه لا يتناول الحادث لان الحادث معدوم للحال بنفسه وبسببه فلو أنصرف إليه الابراء لكان ذلك ابراء عما ليس بثابت أصلا لا حقيقة ولا تقديرا لانعدام سبب الحق فلم ينصرف إليه وقوله لو تناول الحادث لكان هذا تعليق البراءة بشرط أو الإضافة إلى وقت ممنوع بل هذا ابراء عن حق ثابت وقت الابراء تقديرا لما بينا من الوجهين فلم يكن هذا تعليقا ولا إضافة فيصح والله عز وجل أعلم وان أضافها إلى عيب حادث بان قال على أنى برئ من كل عيب يحدث بعد البيع فالبيع بهذا الشرط فاسد عندنا لان الابراء لا يحتمل الإضافة لأنه وإن كان اسقاطا ففيه معنى التمليك ولهذا لا يحتمل الارتداد بالرد ولا يحتمل الإضافة إلى زمان في المستقبل نصا كما لا يحتمل التعليق بالشرط فكان هذا بيعا أدخل فيه شرطا فاسدا فيوجب فساد البيع ولو اختلفا في عيب فقال البائع هو كان موجودا عند العقد فدخل تحت البراءة وقال المشترى بل هو حادث لم يدخل تحت البراءة فإن كانت البراءة مطلقة فهذا لا يتفرع على قول أبى يوسف لان العيب الحادث داخل تحت البراءة المطلقة عنده فأما على قول محمد فالقول قول البائع مع يمينه وقال زفر والحسن بن زياد القول قول المشترى (وجه) قولهما ان المشترى هو المبرى لان البراءة تستفاد من قبله فكان القول فيما أبرأ قوله (وجه) قول محمد ان البراءة عامة والمشترى يدعى حق الرد بعد عموم البراءة عن حق الرد بالعيب والبائع ينكر فكان القول قوله كما لو أبرأه عن الدعاوى كلها ثم ادعى شيئا مما في يده وهو ينكر كان القول قوله دون المشترى لما قلنا كذا هذا ولو كانت مقيدة بعيب يكون
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306