بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٨٨
واحدا من حيث المعنى فبالرد تثبت الشركة من حيث المعنى والشركة في الأعيان عيب وإذا كان يمكن الانتفاع بأحدهما بدون صاحبه فيما وضع له كان التفريق تعييبا فيعود المبيع إلى البائع بعيب زائد حادث لم يكن عنده وإن كان أشياء حقيقة وتقديرا فليس له ان يرد الكل الا عند التراضي وله أن يرد المعيب خاصة بحصته من الثمن عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر والشافعي رحمهما الله ليس له ذلك بل يردهما أو يمسكهما (وجه) قولهما ان في التفريق بينهما في الرد اضرارا بالبائع لما ذكرنا أن ضم الردئ إلى الجيد في البيع من عادة التجار ليروج الردئ بواسطة الجيد وقد يكون العيب بالردئ فيرده على البائع ويلزمه البيع في الجيد بثمن الردئ وهذا اضرار بالبائع ولهذا امتنع الرد قبل القبض فكذا هذا (ولنا) ان ما ثبت له حق الرد وجد في أحدهما فكان له ان يرد أحدهما وهذا لان حق الرد إنما يثبت لفوات السلامة المشروطة في العقد دلالة والثابتة مقتضى العقد على ما بينا والسلامة فاتت في أحدهما فكان له رده خاصة فلو امتنع الرد إنما يمتنع لتضمنه تفريق الصفقة وتفريق الصفقة باطل قبل التمام لا بعده والصفقة قد تمت بقبضهما فزال المانع (وأما) قولهما يتضرر البائع برد الردئ خاصة فنعم لكن هذا ضرر مرضى به من جهته لان اقدامه على بيع المعيب وتدليس العيب مع علمه ان الظاهر من حال المشترى أنه لا يرضى بالعيب دلالة الرضا بالرد لخلاف ما قبل القبض لأنه لا تمام للعقد قبل القبض فلا يكون قبل القبض دلالة الرضا بالرد فكان الرد ضررا غير مرضى به فيجب دفعه وهذا بخلاف خيار الشرط وخيار الرؤية ان المشترى لا يملك رد البعض دون البعض سواء قبض الكل أو لم يقبض شيئا أو قبض البعض دون البعض وسواء كان المعقود عليه شيئا واحدا أو أشياء لان خيار الشرط والرؤية يمنع تمام الصفقة بدليل أنه يرده بغير قضاء ولا رضا سواء كان قبل القبض أو بعده ولو تمت الصفقة لما احتمل الرد الا بقضاء القاضي أو التراضي دل أن هذا الخيار يمنع تمام الصفقة ولا يجوز تفريق الصفقة قبل التمام وههنا بخلافه ولو قال المشترى انا أمسك المعيب وآخذ النقصان ليس له ذلك لان قوله أمسك المعيب دلالة الرضا بالمعيب وانه يمنع الرجوع بالنقصان وكذلك لو كان المبيع أشياء فوجد بالكل عيبا فأراد رد البعض دون البعض ان المردود إن كان مما لو كان العيب به وحده لكان له رده وحده كالعبدين والثوبين فله ذلك لأنه إذا أمسك البعض فقد رضى بعيبه فبطل حق الرد فيه لأنه تبين ان صفة السلامة لم تكن مشروطة ولا مستحقة بالعقد فيه فصار كأنه كان صحيحا في الأصل ووجد بالآخر عيبا فيرده وإن كان المردود مما لو كان العيب به وحده لكان لا يرده كالخفين والنعلين ونحوهما ليس له ذلك لما ذكرنا ان التفريق بينها تعييب ولو اشترى عبدين فوجد بأحدهما عيبا قبل القبض فقبض المعيب وهو عالم بالعيب لم يكن له ان يرد وسقط خياره ولزمه العبدان لان قبض المعيب مع العلم بالعيب دليل الرضا وللقبض شبه بالعقد فكان الرضا به عند القبض كالرضا به عند العقد ولو رضى به عند العقد يسقط خياره فلزماه جميعا كذا هذا ولو قبض الصحيح منهما ولو كانا معيبين فقبض أحدهما لم يسقط خياره لأنه قبض بعض المعقود عليه والصفقة لا تتم بقبض بعض المعقود عليه وإنما تتم بقبض الكل فلو لزمه العقد في المقبوض دون الآخر لتفرقت الصفقة على البائع قبل التمام وتفريق الصفقة قبل التمام باطل ولا يمكن اسقاط حقه عن غير المقبوض لأنه لم يرض به فبقي له الخيار على ما كان والله عز وجل أعلم (وأما) الاستحقاق فان استحق بعض المعقود عليه قبل القبض ولم يجز المستحق بطل العقد في القدر المستحق لأنه تبين ان ذلك القدر لم يكن ملك البائع ولم توجد الإجازة من المالك فبطل وللمشتري الخيار في الباقي ان شاء رضى به بحصته من الثمن وان شاء رده سواء كان استحقاق ما استحقه يوجب العيب في الباقي أو لا يوجب لأنه إذا لم يرض المستحق فقد تفرقت الصفقة على المشترى قبل التمام فصار كعيب ظهر بالسلعة قبل القبض وذلك يوجب الخيار فكذا هذا وإن كان الاستحقاق بعد قبض البعض دون البعض فكذلك الجواب سواء ورد الاستحقاق على المقبوض وعلى غير المقبوض فإن كان قبض الكل ثم استحق بعضه بطل البيع في القدر المستحق لما قلنا ثم ينظر إن كان استحقاق ما استحق يوجب العيب في الباقي بأن كان المعقود عليه شيئا واحدا حقيقة وتقديرا
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306