بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٢٨٢
الرضا بالعيب بعد العلم به لان حق الرد لفوات السلامة المشروطة في العقد دلالة ولما رضى بالعيب بعد العلم به دل انه ما شرط السلامة ولأنه ثبت نظرا للمشترى دفعا للضرر عنه فإذا رضى بالعيب فلم ينظر لنفسه ورضى بالضرر ثم الرضا نوعان صريح وما هو في معنى الصريح ودلالة أما الأول فنحو قوله رضيت بالعيب أو أجزت هذا البيع أو أوجبته وما يجرى هذا المجرى وأما الثاني فهو أن يوجد من المشترى بعد العلم بالعيب تصرف في المبيع يدل على الرضا بالعيب نحو ما إذا كان ثوبا فصبغه أو قطعه أو سويقا فلته بسمن أو أرضا فبنى عليها أو حنطة فطحنها أو لحما فشواه ونحو ذلك أو تصرف تصرفا أخرجه عن ملكه وهو عالم بالعيب أوليس بعالم أو باعه المشترى أو وهبه وسلمه أو أعتقه أو كاتبه أو دبره أو استولده لان الاقدام على هذه التصرفات مع العلم بالعيب دليل الرضا بالعيب ويكون العلم بالعيب وكل ذلك يبطل حق الرد ولو باعه المشترى ثم رد عليه بعيب فإن كان قبل القبض له أن يرده على بائعه سواء كان الرد بقضاء القاضي أو بالتراضي بالاجماع وإن كان بعد القبض فإن كان بقضاء القاضي له أن يرده على بائعه بلا خلاف وإن كان قبله البائع بغير قضاء ليس له أن يرده عندنا وعند الشافعي رحمه الله له أن يرده (وجه) قوله إن المانع من الرد خروج السلعة عن ملكه فإذا عادت إليه فقد زال المانع وصار كأنه لم يخرج ولهذا إذا رد عليه بقضاء له أن يرده على بائعه وكذا إذا رد عليه بخيار شرط أو بخيار رؤية على أصلكم (ولنا) أن القبول بغير قضاء فسخ في حق العاقدين بيع جديد في حق غيرهما فصار كما لو عاد إليه بشراء ولو اشتراه لم يملك الرد على بائعه كذا هذا والدليل على أن القبول بغير قضاء بيع جديد في حق غير العاقدين ان معنى البيع موجود فكان شبهة الشراء قائمة فكان الرد عند التراضي بيعا لوجود معنى البيع فيه الا انه أعطى له حكم الفسخ في حق العاقدين فبقي بيعا جديدا في حقهما بمنزلة الشراء المبتدأ ولهذا يثبت للشفيع حق الشفعة وحق الشفعة إنما يثبت بالبيع بخلاف الرد بقضاء القاضي لأنه لم يوجد فيه معنى البيع أصلا لانعدام التراضي فكان فسخا والفسخ رفع العقد من الأصل وجعله كان لم يكن ولهذا لم يثبت للشفيع حق الشفعة وبخلاف ما قبل القبض لان الصفقة لا تمام لها قبل القبض ألا ترى أن حدوث العيب قبل القبض كوجوده قبل البيع فكان الرد قبل القبض في معنى الامتناع عن القبول كان المشترى رد ايجاب البائع ولم يقبله ولهذا لم يفتقر الرد قبل القبض إلى القاضي بخلاف ما إذا رد عليه بخيار شرط أو رؤية انه يرده على بائعه لان معنى البيع لم يوجد في هذا الرد ألا ترى انه يرد على بائعه من غير رضاه فكان فسخا ورفعا للعقد من الأصل كأنه لم يكن وكذا لو وطئ الجارية المشتراة أو لمسها لشهوة أو نظر إلى فرجها بشهوة مع العلم بالعيب لما قلنا وكذا بدون العلم بالعيب وقال الشافعي رحمه الله إن كانت الجارية بكرا فوطئها المشترى فكذلك وأما إذا كانت ثيبا فوطئها بدون العلم بالعيب لا تمنع الرد بالعيب وستأتي المسألة إن شاء الله تعالى ولو قبلت الجارية المشترى لشهوة فقد مر تفصيل الكلام فيه في شرط الخيار ولو استخدم المشترى بعدما علم بالعيب فالقياس ان يسقط خياره وفى الاستحسان لا يسقط وقد ذكرنا وجه القياس والاستحسان في خيار الشرط ولو كان المشترى دابة فركبها بعد العلم بالعيب فان ركبها لحاجة نفسه يسقط خياره وان ركبها ليسقيها أو ليردها على البائع أو ليشترى لها علفا ففيه قياس واستحسان كما في الاستخدام وقد ذكرنا ذلك في خيار الشرط ولو ركبها لينظر إلى سيرها بعد العلم بالعيب يكون رضا يسقط خياره وفى شرط الخيار لا يسقط والفرق بينهما قد تقدم في خيار الشرط وكذا لو اشترى ثوبا فلبسه بعد العلم لينظر إلى طوله وعرضه بطل خياره وفى خيار الشرط لا يبطل (ووجه) الفرق بينهما قد ذكرناه في شرط الخيار وإن كان المشترى دارا فسكنها بعدما علم بالعيب أو رم منها شيئا أو هدم يسقط خياره وذكر في بعض شروح مختصر الطحاوي في السكنى روايتان والحاصل ان كل تصرف يوجد من المشترى في المشترى بعد العلم بالعيب يدل على الرضا بالعيب يسقط الخيار ويلزم البيع والله عز وجل أعلم (ومنها) اسقاط الخيار صريحا أو ما هو في معنى الصريح نحو أن يقول المشترى أسقطت الخيار أو أبطلته أو ألزمت البيع أو أوجبته وما يجرى هذا المجرى لان خيار العيب حقه والانسان بسبيل من التصرف في حقه استيفاء واسقاطا (ومنها) ابراء المشترى عن
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306