المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ٩٠
قال فألقت جنينا ميتا وإنما أضاف الالقاء إليها إذا كانت حية فبقي ما إذا انفصل بعد موتها علي أصل القياس ثم يتمكن الاشتباه في هلاكه إذا انفصل بعد موتها فربما كان ذلك بالضربة وربما كان بانحباس نفسه بهلاكها ومع اشتباه السبب لا يجب الضمان بخلاف ما إذا كانت حية حيى انفصل الجنين ميتا عنها ثم هذا علي أصل أبي حنيفة ظاهر لأنه لا يجعل ذكاة الأم ذكاة الجنين فكذلك لا يجعل قتل الأم قتلا للجنين والشافعي جعل ذكاة الأم ذكاة الجنين فكذلك يجعل قتل الأم قتلا للجنين وأبو يوسف ومحمد قالا القياس ما قاله أبو حنيفة ولكنا تركنا ذلك في حكم الذكاة بالسنة ولان الذكاة تنبنى على الوسع فبقي القياس معتبرا في حكم القتل فلا يكون قتل الأم قتلا للجنين وإن كان في بطنها جنينان فخرج أحدهما قبل موتها وخرج الآخر بعد موتها وهما ميتان ففي الذي خرج قبل موتها خمسمائة درهم وليس في الذي خرج بعد موتها شئ اعتبارا لكل واحد منهما بمال لو كان وحده وهذا لأنه لا سبب لموت الذي خرج قبل موتها سوى الضربة واشتبه السبب في الذي خرج بعد موتها ومع اشتباه السبب لا يجب الضمان ثم الذي خرج قبل موتها ميتا لا يرث من دية أمه لان شرط التوريث بقاء الوارث حيا بعد موت المورث ولها ميراثها منه لأنها كانت حية بعد ما وجب بدل هذا الجنين بانفصاله ميتا فلها ميراثها منه وإن كان الذي خرج بعد موتها خرج حيا ثم مات ففيه الدية أيضا لان الاشتباه زال حين انفصل حيا وقد مات بالضربة بعد ما صار نفسا من كل وجه فتجب فيه الدية كاملة وله ميراثه من دية أمه ومما ورثت أمه من أخيه وإن لم يكن لأخيه أب حي فله ميراثه من أخيه أيضا لأنه كان حيا بعد موتهما فيكون له الميراث منهما ولا قصاص على الأبوين والأجداد والجدات من قبل الآباء والأمهات عندنا وقال مالك ان رمى الأب ولده بسيف أو سكين فقتله فلا قصاص عليه وان أخذه فذبحه فعليه القصاص لان وجوبا لقصاص باعتبار تغليظ الجناية ولهذا اختص بالعمد وجناية الأب أغلظ من جناية الأجنبي لأنها انضم إلى تعمده القتل بغير حق وارتكابه ما هو محظور مع قطيعة الرحم فإذا وجب القصاص على الأجنبي باعتبار تغليظ جنايته فعلى الأب أولي وهو نظير من زنا بابنته فإنه يلزمه من الحد ما يلزمه إذا زنا بالأجنبية لتغليظ جنايته هاهنا بكونها محرمة عليه على التأبيد إلا أن مع شبهة الخطأ لا يجب القود وعند الرمي يتمكن شبهة الخطأ فالظاهر أنه قصد تأديبه لا قتله لان شفقة الأبوة تمنعه من ذلك بخلاف الأجنبي فليس هناك بينهما ما يدل على الشفقة
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست