المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ٩٦
للأب حقيقة وحكما فإنه يسقط القود إذا ورثه الابن ولا يسقط إذا لم يرثه وهو نظير الولد في أنه لا يسترق والده ثم يشترى والده المملوك فيعتق عليه والدليل عليه ان الأبوة لو طرت على قصاص موجب أسقطته وإذا اقترنت بالسبب دفعت الوجوب بطريق الأولى لان تأثير الشئ في الحكم مقترنا بالسبب أقوى من تأثيره طارئا على السبب وإذا ثبت أن فعل الأب غير موجب عرفنا انه اختلط الموجب بغير الموجب في المحل فكان كالخاطئ مع العامد بخلاف ما إذا عفا عن أحد القاتلين وقوله الأبوة معنى في الفاعل لا معتبر به فإنه وإن كان في الفاعل فقد تعدى إلى الفعل حتى أخرجه من أن يكون موجبا فهو نظير الخطأ في الفاعل بان رمى إلى انسان يظنه كافرا وهو مسلم فان الخطأ هاهنا باعتبار معنى في الفاعل ولكن لما تعدى إلى الفعل صار ذلك شبهة في حق شريكه في الفعل فكذلك هاهنا والدليل عليه أن مسلمين لو رميا إلى صيد أحدهما بسهم والآخر ببندقة لم يحل تناول الصيد وكذلك لو رمى مسلم ومجوسي إلى الصيد وفي أحد الموضعين الحرمة باعتبار معنى في الفعل وفي الموضع الآخر باعتبار معنى في الفاعل وهو كونه مجوسيا لكن لما تعدى إلى الفعل التحق بالمعنى الذي هو في الفعل في ايجاب الحرمة فهذا مثله ولو اشترك عشرة رهط في قتل رجل خطأ كانت الدية على عاقلتهم في ثلاث سنين لان وجوب الدية لصيانة المحل عن الهدر فالمحل واحد وبايجاب دية واحدة عليهم يتم معنى الصيانة ثم الواجب على كل واحد منهم جزء مما هو مؤجل في ثلاث سنين وهو بد النفس فهو بمنزلة ما لو اشترى عشرة نفر شيئا بثمن مؤجل إلى ثلاث سنين فإنه ثبت تمام الاجل في حق كل واحد منهم وهذا لان كل ثلث من بدل النفس مؤجل في سنة والواجب على كل واحد منهم عشر كل ثلث إلا أن يكون الواجب علي بعضهم من الثلث الذي هو مؤجل إلى سنة أو من الثلث الثاني خاصة ولو أقر رجل بقتل خطا أو شبه عمد كانت الدية عليه في ماله في ثلاث سنين لان العاقلة لا تعقل ما يجب بالاعتراف لقوله عليه السلام ولا اعترافا وهذا لان الاقرار خبر متمثل بين الصدق والكذب فإنما يحمل على الصدق في حق المقر خاصة لانتفاء التهمة فاما في حق عاقلته فهو محمول على الكذب وله ولاية على نفسه في الالتزام قولا دون عاقلته وكل جناية عمد فيما دون النفس لا يستطاع فيها القصاص أو شبه عمد فالأرش في مال الجاني مغلظا أما في العمد فلا يشكل واما في شبه العمد فلان شبه العمد لا يتحقق فيما دون النفس وإنما يتحقق في النفس خاصة فان ذلك حكم ثابت بالنص وإنما ورد النص به في
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست