المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ٧٨
فكأنما حرر رقبة من ولد إسماعيل وفى كتاب عمرو بن حزم ان النبي عليه السلام جعل الدية من الدراهم اثنى عشر ألفا ولأنه لا خلاف انها من الدنانير ألف دينار وكانت قيمة كل دينار على عهد رسول الله عليه السلام اثنى عشر درهما بيانه في حديث السرقة فإنه قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم بعدما قال القطع في ربع دينار وإنما يكون ثلاثة دراهم ربع دينار إذا كانت قيمة كل درهم اثنى عشر درهما وحجتنا في ذلك حديث دحيم ان رجلا قطع يد رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى عليه بنصف الدية خمسة آلاف درهم وقضى عمر رضي الله عنه في تقدير الدية بعشرة آلاف وقد كان بمحضر من الصحابة ولم يحتج عليه أحد منهم بحديث بخلاف ذلك فلو كان فيه حديث صحيح خلاف ما قضى به عمر لما خفى عليهم ولما تركوا المحاجة به ثم المقادير لا تعرف بالرأي فما نقل عن عمر من التقدير بعشرة آلاف درهم ومساعدة الصحابة معه على ذلك بمنزلة اتفاق جماعتهم على رواية هذا المقدار عن صاحب الشرع عليه السلام ولان الدية من الدنانير ألف دينار وقد كانت قيمة كل دينار على عهد رسول الله عليه السلام عشرة دراهم بدليل النص المروى في نصاب السرقة حيث قال لا قطع الا في دينار أو عشرة دراهم وقال علي رضي الله عنه حين ضجر من أصحابه ليت لي بكل عشرة من أهل العراق واحدا من أهل الشام صرف الدنانير بالدراهم ونصاب الزكاة منهما على أن قيمة كل دينار كان عشرة دراهم ثم أبو يوسف ومحمد رحمهما الله أخذا بظاهر حديث عمر وقالا الدية من الأصناف الستة فان عمر رضي الله عنه جعلها من هذه الأصناف وقدر كل صنف منه بمقدار ومعلوم انه ما كان يتفق القضاء بذلك كله في وقت واحد فعرفنا ان المراد بيان المقدار من كل صنف وأبو حنيفة قال الدية من الإبل والدراهم والدنانير وقد اشتهرت الآثار بذلك عن رسول الله عليه السلام وإنما أخذ عمر من البقر والغنم والحلل في الابتداء لأنها كانت أموالهم فكان الأداء منها أيسر عليهم وأخذها بطريق التيسير عليهم فظن الراوي ان ذلك كان منه على وجه بيان التقدير للدية في هذه الأصناف فلما صارت الدواوين والاعطاءات جل أموالهم الدراهم والدنانير والإبل فقضي بالدية منها ثم لا مدخل للبقر والغنم في قيمة المتلفات أصلا فهي بمنزلة الدور والعبيد والجواري وهكذا كان ينبغي أن لا تدخل الإبل إلا أن الآثار اشتهرت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتركنا القياس بذلك في الإبل خاصة وقد ذكرنا في كتاب المعاقل ما يدل على أن قول أبي حنيفة كقولهما فإنه قال لو صالح
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست