المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ٧
عليه الدار بأقل من قيمتها ولو باع العبد منه بالغبن لم يجز لحق غرمائه ويستوى في حقهم الغبن اليسير والفاحش كما في تصرف المريض في حق غرمائه ولا يمكن الاخذ بمثل القيمة لان ما لم يكن ثمنا في حق المشترى لا يثبت ثمنا في حق الشفيع ولو باع العبد من مولاه دارا ولا دين عليه والأجنبي شفيعها فلا شفعة له لان ما جرى بينهما ليس ببيع حقيقة فالبيع والثمن كلاهما خالص ملك المولى ومبادلة ملكه بملكه لا تجوز وقد كان متمكنا من أخذها بدون هذا البيع فلا يكون هذا البيع مفيدا والأسباب الشرعية تلغو إذا كانت خالية عن فائدة فإذا كان عليه دين وكان البيع بمثل القيمة أو أكثر فله الشفعة لان هذا بيع صحيح بينهما فالدار كانت حقا لغرمائه وكان المولى ممنوعا من أخذه قبل الشراء وبالشراء يصير هو أحق بها وباعتبار البيع الصحيح تجب الشفعة للشفيع وان باعها بأقل من قيمتها فلا شفعة للشفيع فيها في قول أبي حنيفة لان عنده بيع المأذون من مولاه بأقل من قيمته باطل كبيع المريض من وارثه وهذا لان المولى يخلفه في كسبه خلافة الوارث المورث فتتمكن التهمة بينهما في حق الغرماء والشفعة لا تستحق بالبيع الباطل وعندهما للشفيع أن يأخذها بقيمتها أو يتركها لان من أصلهما ان المحاباة لا تسلم للمولى ولكن لا يبطل أصل البيع بسبب المحاباة بل يتخير المولى بين أن يزيل المحاباة فيأخذها بقيمتها وبين أن يتركها فكذلك الشفيع يتخير في ذلك وهذا لان الاستحقاق بحكم هذا البيع ثابت للمولى بمثل القيمة إذا رضى به فيثبت ذلك للشفيع لان الشرع قدم الشفيع على المشترى في الاستحقاق الثابت بالبيع فان تركها الشفيع أخذها المولى بتمام القيمة ان شاء وإن كان المولى هو البائع من غيره بمثل قيمته ولا دين عليه فلا شفعة فيها لان ما جرى بينهما ليس ببيع مفيد وإن كان عليه دين كان البيع صحيحا لكونه مفيدا والشفعة واجبة للشفيع وان باعها منه بأكثر من قيمتها فعند أبي حنيفة البيع باطل لأجل الزيادة وكون العبد متهما في حق مولاه (ألا ترى) ان اقراره لمولاه لا يجوز بشئ إذا كان عليه دين فكذلك المحاباة والزيادة منه لمولاه وإذا بطل البيع لم تجب الشفعة للشفيع وعندهما المولى بالخياران شاء سلم الدار للعبد بقدر القيمة وان شاء استردها لان التزام العبد الزيادة لمولاه لم تصح وأما أصل البيع بمثل القيمة فصحيح فثبوت الخيار للمولى لانعدام الرضا منه بذلك فان سلمها له بالقيمة أخذها الشفيع بذلك لان الاستحقاق ثابت بالقيمة عند رضاه بها وان أبى كان للشفيع أن يأخذها من المولى بجميع الثمن ان شاء لان رهنا المولى قد تم بالبيع بجميع الثمن وذلك يكفي
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست