المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ٦٤
عفى أحد الشريكين يجب للآخر المال لأنه تعذر عليه استيفاء القصاص لمعنى في القاتل وهو انه حتى يقص نفسه بعفو الشريك فكان ذلك في معنى الخطأ فوجب المال للاخر ولا يجب للعافي لأنه إنما تعذر استيفاء القصاص على العافي باسقاطه من جهته لا بمعنى في القاتل ثم اقدام العافي علي العفو يكون تعيينا منه لحقه في القصاص لان العفو يعترف فيه بالاسقاط وذلك لا يكون الا بعد تعيين حقه فيه ومع تعيين حقه في القصاص لا يجب له المال وإذا مات من عليه القصاص إنما لا نوجب المال لان هذا ليس في معنى الخاطئ من كل وجه فان تعذر ايجاب استيفاء القصاص بعد موته كان لفوات المحل فلو ألحقنا هذا بالخاطئ لمعني التعذر كان قياسا والمخصوص من القياس لا يقاس عليه غيره وإذا كانت يد القاطع شلاء فالمجني عليه هاهنا عاجز عن استيفاء مثل حقه بصفته لا لفوات المحل بل لمعنى في الجاني فإن شاء تجوز بدون حقه وان شاء مال إلى استيفاء الأرش بمنزلة من أتلف على آخر كر حنطة ولم يجد عنده الا كرا رديئا فإنه يتخير بين أن يتجوز بدون حقه وبين أن يطالب بالقيمة لتعذر استيفاء المثل بصفته بخلاف ما إذا قطعت يد القاطع ظلما لان تعذر الاستيفاء هاهنا لفوات المحل فلم يكن في المعنى الأول وهو بخلاف ما إذا قطعت يده في سرقة أو قصاص فإنه يجب الأرش لان المحل هناك في معنى القائم حكما حين قضي به حقا مستحقا عليه فيكون كالسالم له حكما فمن هذا الوجه هو في معنى الخطأ وما قال إن في النفس حرمتين فنقول في نفس القاتل حرمتان كما في نفس المقتول فإذا أو جبنا القصاص بحصل به مراعاة الحرمتين جميعا ثم القصاص لا يجب الا باعتبار الحرمتين جميعا وإذا اعتبرناهما لايجاب القصاص لا يبقي حرمة أخرى تعتبر لايجاب المال ولو كان المعنى الذي قاله صحيحا لوجب ان يجمع بينهما استيفاء كمن قتل صيدا مملوكا في الحرم يجمع بين وجوب الكفالة لحرمة حق الله تعالى ووجوب الضمان لحق المالك وفيما قررنا جواب عما قال إن القصاص واجب بخلاف القياس فإنه لما كان المثل صورة ومعنى هو القصاص علم أنه هو الموجب الأصلي والذي قال إنه بالامتناع من أداء الدية يسلم نفسه في التهلكة ضعيف فان القاء النفس في التهلكة إنما كان بالقبيل السابق فأما بالامتناع من أداء الدية يسلم نفسه لايفاء حق مستحق عليه ويمتنع من أداء ما ليس عليه فلا يكون به ملقيا نفسه في التهلكة وأما شبه العمد فهو ما تعمدت ضربه بالعصاء أو السوط أو الحجر أو اليد فان في هذا الفعل معنين العمد باعتبار قصد الفاعل إلى الضرب ومعنى الخطأ باعتبار
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست