المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ٣٦
يشترط حضرة العبد لان المدعي قبله والمستحق به دين في ذمته وكان يتعلق بمالية رقبته فلا بد من حضوره فإذا حضر قضي على العبد بالقيمة فيباع فيه لان الحجر لا يؤثر في الأفعال الموجبة للضمان وأما الوديعة وما أشبهها فلا يقضى عليه بها حتى يعتق وهذا في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف يقضى عليه بما استهلك من الأمانات في الحال فإن كان وا شهدوا عليه باقراره بذلك ومولاه حاضر أو غائب لم يقض على العبد بشئ من ذلك حتى يعتق فإذا عتق لزمه ما شهدوا به عليه لأنه محجور عن التزام الدين بالقول لحق مولاه والاقرار الثابت عليه بالبينة كالثابت بالمعاينة فلا نلزمه شيئا ما لم يسقط حق المولى عنه بقبضه ولو شهدوا عليه بقتل رجل عمدا أو قذف أو شرب خمر لم يقم عليه حد حتى يحضر مولاه في قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف يقضى عليه بذلك وإن لم يحضر مولاه وكذلك لو شهدوا عليه باقراره بذلك ومولاه غائب ففيما يعمل فيه الرجوع عن الاقرار لا تقبل هذه الشهادة وفيما لا يعمل فيه الرجوع عن الاقرار كالقصاص وحد القذف فهو علي الخلاف الذي بينا ولا خلاف انه لو أقر به قضى القاضي به عليه فأبو يوسف يقول المستحق بهذه الأسباب هو خالص حقه وهو دمه فان وجوب العقوبات عليه باعتبار معنى النفسية دون المالية وهو في حكم النفسية مبقى على أصل الحرية ولهذا تقام عليه هذه العقوبات باقراره وإن كان المولى غائبا أو مكذبا له ولا يقبل اقرار المولى بشئ من ذلك فلا يشترط حضور المولى لقبول البينة عليه بذلك وهما يقولان في القضاء بهذه البينة مع غيبة المولى ابطال حقه من أوجه أحدهما انه يستوفى هذه العقوبة فتفوت به مالية المولى أو تنتقص والثاني انه يخرج من يد المولى إذا حضر مجلس الحكم لإقامة الحد عليه بذلك واليد مستحقة للمولى والثالث أن له حق الطعن في الشهود لو كان حاضرا فبالقضاء عليه قبل حضوره يبطل حق الطعن الثابت له وابطال حقه بالقضاء حال غيبته لا يجوز بخلاف الاقرار فان الاقرار موجب للحق بنفسه وليس للمولى حق الطعن في اقراره فلا تفوت به يده ولا حقه في الطعن ثم لا تهمة في اقراره على نفسه لان ما يلحقه بالضرر بذلك فوق ما يلحق مولاه وقد بينا هذه المعاني في كتاب الآبق وأما الصبي والمعتوه المأذون لهما فلا يلزمهما شئ من ذلك في الاقرار ولا في الشهادة على الفعل لأنهما غير مخاطبين والأهلية للعقوبة تنبنى على كون المباشر مخاطبا الا في القتل خاصة إذا كان أب الصبي أو المعتوه أو وصيهم حاضرا فإنه يقضى بالدية على عاقلتهما
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست