المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٣٩
ما يوجب القتل حقا لله تعالى يلزمهما القتل نحو ما إذا اشتركا في قتل رجل في قطع الطريق فيعتبر حق العبد بحق الله تعالى في الفصلين جميعا وإذا ثبت أنه لا يجب القصاص عليهما قلنا يجب علي كل واحد منهما نصف دية اليد في ماله لأنا نتيقن أن كل واحد منهما قاطع للنصف والفعل عمد وكذلك إذا وضع كل واحد منهما السكين من جانب فانا ان علمنا أن كل واحد منهما قطع نصف اليد يلزمه نصف الدية وإنما يصار إلى حكومة العدل إذا لم يعلم أن كل ما قطعه كل واحد منهما قدر النصف ولو قطع رجل يد رجل من نصف الساعد أو رجله من نصف الساق عمدا لم يكن عليه في ذلك قصاص لأنه لا يمكن اعتبار المماثلة في الفعل والمحل فان فعله كان في كسر العظم دون القطع من المفصل وفيما يلزمه من الدية وحكومة العدل اختلاف بين أصحابنا وقد تقدم بيانه ولو قطع رجل يدي رجل اليمنى واليسرى قطعت يداه بهما وكذلك ان قطعهما من واحد لان المماثلة المشروطة في الفعل والمحل والمأخوذ بالفعل موجود فان قيل هو ما فوت على كل واحد منهما منفعة الجنس وإذا قطعنا يده كان فيه تفويت منفعة الجنس فلا يتحقق المماثلة قلنا في حق كل واحد منهما يعتبر ما يستوفيه هو وليس في استيفائه منفعة الجنس ثم هذا المعنى إنما يعتبر في السرقة لان تفويت منفعة الجنس استهلاك حكما والاستهلاك الحقيقي في حد السرقة غير مشروع فكذلك الحكمي فأما في القصاص فالاستهلاك الحقيقي مشروع إذا كانت المماثلة فيه فكذلك الاستهلاك الحكمي ولو قطع رجل يميني رجلين قطعت يمينه بهما وغرم دية يد منهما عندنا سواء قطعهما معا أو على التعاقب وقال الشافعي ان قطعهما على التعاقب يقطع بالأولى منهما وللثاني الأرش وان قطعهما معا يقرع بينهما ويكون القصاص لمن خرجت قرعته والأرش للاخر لأنه حين قطع يد أحدهما فقد صارت مشغولة بحقه مستحقة له قصاصا والمشغول لا يشغل كمن رهن عينا من انسان وسلمها إليه ثم رهنها من آخر فإنه لا يصلح الثاني مع بقاء حق الأول وهنا حق الأول باق فمنع ذلك ثبوت حق الثاني في اليد بخلاف ما إذا عفى الأول لان المانع قد زال إذ لم يبق له حق في المحل وكذلك إذا بادر الثاني واستوفى لأنه لم يبق للأول حق في المحل لفواته فكان الثاني مستوفيا حقه فإذا حضرا جميعا فحق الأول قائم فيترجح بالسبق والدليل عليه أنه ليس في عينه وفاء بحقهما بالاتفاق حتى أن عندكم يقضى بأرش يد بينهما وان قطعا جميعا ولو كان في عينه وفاء بحقهما لم يجب لهما شئ آخر بعد استيفائه كما قلتم في النفس إذا ثبت أن في عينه وفاء بحق أحدهما لم يكن بد
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست