المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٢٤
في كتاب الشروط وتأويل الحديث انه أمر بذلك على طريق السياسة لكونه ساعيا في الأرض بالفساد معروفا بذلك الفعل بيانه فيما روى أنهم أدركوها وبها رمق فقيل لها أقتلك فلان فأشارت برأسها لا حتى ذكروا اليهودي فأشارت برأسها أن نعم وإنما يعد في مثل تلك الحالة من يكون متهما بمثل ذلك الفعل معروفا به وعندنا إذا كان بهذه الصفة فللامام أن يقتله بطريق السياسة فأما الدم العصا الصغيرة إذا والى بها في الضربات حتى مات لم يلزمه القصاص عندنا وعلى قول الشافعي رضي الله عنه يجب عليه القصاص وكذلك الخلاف فيما إذا ضربه جماعة كل واحد منهم بسوط أو عصا وهو يقول القصد بالعصا الصغيرة عند الموالاة القتل فيكون الفعل بها عمدا محضا بمنزلة القتل بالسيف بخلاف العصا الصغيرة إذا ضربه بها مرة أو مرتين لان القصد هناك التأديب والغالب معه السلامة ولا يكون القتل بها الا نادرا فيكون في معنى الخطأ فأما مع الموالاة فالقصد منه القتل (ألا ترى) ان التهديد بالضرب بالسوط مع الموالاة كالتهديد فالقتل في حكم الاكراه بخلاف التهديد بضرب سوط واحد ويستوى في ذلك حصول الضربات من واحد أو من جماعة لان شرط القتل كون النفس معمودة لا التيقن بكون فعل كل واحد منهم مزهقا للروح لان ذلك لا طريق إلى معرفته والدليل على الفرق بين الضربة والضربات أن شرب القليل من المثلث لا يكون موجبا للحد فان استكثر منه حتى سكر لزمه الحد باعتبار ان القليل منه ممرئ للطعام والكثير مسكر وإذا حصل السكر بالكثير منه لا يميز بعض الفعل عن البعض بل يجعل الكل كفعل واحد حتى يتعلق به ما يندرئ بالشبهات وهو الحد فهذا مثله وأصحابنا رحمهم الله استدلوا بحديث النعمان ابن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا إن قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا فيه مائة من الإبل فيكون نصبا على التفسير وبالرفع قتيل السوط والعصا فيكون خبرا للابتداء وفى كليهما بيان أن قتيل السوط والعصا يكون قتيل خطأ العمد وان الواجب فيه الدية والمعنى فيه أن القتل حصل بمجموع أفعال لو حصل بكل واحد منها على الانفراد لا بتعلق به القصاص فكذلك إذا حصل بمجموعها كما لو جرح رجلا جراحات خطأ أو اشترك جماعة في قتل رجل خطأ وهذا لان كل واحد من هذه الأفعال غير موجب للقصاص إذا انفرد فانضمام ما ليس بموجب إلى ما ليس بموجب كيف يكون واجبا لما يندرئ بالشبهات ولو أنضم ما هو موجب إلى ما ليس بموجب كالخاطئ مع العامد لا يجب القصاص فإذا انضم ما هو موجب
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست