المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ٢٩
منها إلى السكر لان الثابت للضرورة يتقدر بقدر الضرورة فان سكر نظرنا فإن لم يزد على ما يسكن عطشه فلا حد عليه لان شرب هذا المقدار حلال وهو وان سكر من شرب الحلال لا يلزمه الحد كما لو سكر من اللبن أو البنج وان استكثر منه بعد ما سكن عطشه حتى سكر فعليه الحد لان بعد ما سكن عطشه وهو غير مضطر فالقليل والكثير منها سواء في حكمه فمقدار ما شرب بعد تسكين العطش حرام عليه وذلك يكفي في ايجاب الحد عليه وكذلك النبيذ إذا شرب منه فوق ما يجزئه حتى سكر لما بينا أن السكر من النبيذ موجب للحد كشرب الخمر ولا ضرورة له في شرب القدح المسكر فعليه الحد لذلك وإذا كان مع رقيق له ماء كثير فأبى أن يسقيه حل له أن يقاتله عليه بما دون السلاح لأن الماء محرز مملوك لصاحبه بمنزلة الطعام إلا أن الماء في الأصل كان مباحا مشتركا وذلك الأصل بقي معتبرا بعد الاحراز حتى لا يتعلق القطع بسرقته فلاعتبار إباحة الأصل قلنا يقاتله بما دون السلاح ولكونه مالا مملوكا له في الحال له أن يقاتله عليه بالسلاح لقوله عليه الصلاة والسلام من قتل دون ماله فهو شهيد فكيف يقاتل بالسلاح من إذا قتله كان شهيدا وفي الماء المباح إذا منعه منه قاتله بالسلاح وقد بينا ذلك في كتاب الشرب فاما في الطعام فلا يحل له أن يقاتله ولكنه يغصبه إياه ان استطاع فيأكله ثم يعطيه ثمنه بعد ذلك لأنه ما كان للمضطر حق في هذا الطعام قط ولكن الطعام ملك لصاحبه فهو يمنع الغير من ملكه وذلك مطلق له شرعا فلا يجوز لاحد أن يقاتله على ذلك ولكن المضطر يخاف الهلاك على نفسه وذلك مبيح له التناول من طعام الغير بشرط الضمان وهو إنما يتأتى بفعل مقصور على الطعام غير متعد إلى صاحبه والمقصور على الطعام الاخذ فاما القتال فيكون مع صاحب الطعام لا مع الطعام فلهذا لا يقاتله بالسلاح ولا بغيره فإن كان الرقيق الذي معه الماء يخاف على نفسه الموت إن لم يحرز ماءه فإنه يأخذ منه بعضه ويترك بعضه لان الشرع ينظر للكل وإنما يحل للمضطر شرعا دفع الهلاك عن نفسه بطريق لا يكون فيه هلاك غيره وفى أخذ جميع الماء منه هلاك صاحب الماء لقلته بحيث لا يدفع الهلاك إلا عن أحدهما فليس له أن يأخذه من صاحب الماء لان حقه في ملكه مقدم على حق غيره ثم ذكر بعد هذا مسائل قد بينا أكثرها في الحدود فقال يضرب الشارب الحد بالسوط في إزار وسراويل ليس عليه غيرها لان جنايته مغلظة كجناية الزاني فينزع عنه ثيابه عند إقامة الحد عليه ليخلص الألم إلى بدنه والمرأة في حد الشرب كالرجل على قياس حد الزنا ويفرق الضرب على
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156