المبسوط - السرخسي - ج ٢٣ - الصفحة ١٩٢
ولكنهم يمرون في أرضه ومشرعته بغير إذنه لان الموضع موضع الحاجة والضرورة فالماء سبب لحياة العالم قال الله تعالى وجعلنا من الماء كل شئ حي فإذا لم يجدوا طريقا آخر كان هذا الطريق متعينا لوصولهم منه إلى حاجتهم فليس له أن يمنعهم من ذلك فإن كان لهم طريق غير ذلك كان له أن يمنعهم من ذلك لأنه لا ضرورة إلى التطرق في ملكه وهو نظير من أصابته مخمصة يباح له أن يتناول من طعام الغير فإن كان عنده مثل ذلك الطعام لم يكن له أن يتناول من طعام الغير بغير إذنه إلا أن هناك عند الضرورة يجب الضمان لما في التناول من اتلاف مال متقوم على صاحبه وهنا ليس في المرور بين أرضه اتلاف شئ عليه وإذا كان لرجل نهر في أرض رجل فأراد أن يدخل في أرضه ليعالج من النهر شيئا فمنعه رب الأرض من ذلك فليس له أن يدخل أرضه إلا أن يمضى في بطن النهر وكذلك القناة والبئر والعين لأنه لا حق له في أرضه ولا نفع للحاجة إلى التطرق في أرضه لتمكنه من تحصيل مقصوده بان يمضى في أرض النهر مع أن هذا فيه ضرر خاص وفى الأول ضرر عام وقد يتحمل عند الحاجة إلى دفع الضرر العام ما لا يتحمل عند الحاجة إلى دفع الضرر الخاص فإن كان له طريق في الأرض فله أن يمر في طريقه إلى النهر والعين والقناة لأنه يستوفى ما هو مستحق له وإذا اصطلح الرجلان على أن يخرجا نفقة يحفران بها بئرا في أرض موات على أن يكون البئر لأحدهما والحريم للآخر لم يجز لأنهما قصدا التفرق بين شيئين ثبت الجمع بينهما شرعا وهو البئر والحريم ثم استحقاق الحريم على طريق التبع لتمكن الانتفاع به من البئر فلا يجوز أن يستحق بالشرط مقصودا منفصلا عن البئر ثم في هذا الشرط اضرار بصاحب الأرض لأنه لا يتمكن من الانتفاع ببئره من غير حريم واعتبار الشرط للمنفعة لا للضرر وسواء كانت المنفعة بينهما مختلفة أو متفقة وان اشترطا أن يكون الحريم والبئر بينهما نصفين على أن ينفق أحدها أكثر مما ينفق الآخر لم يجز لان النفقة عليهما بقدر الملك فشرط المناصفة في الملك يوجب أن تكون النفقة بينهما نصفين شرعا فيكون اشتراط زيادة النفقة على أحدهما مخالفا لحكم الشرع فان فعلا كذلك رجع صاحب الأكثر بنصف الفضل على صاحبه لأنه أنفق بأمر صاحبه فلا يكون متبرعا في حصة صاحبه وإذا كانت بئر في أرض بين رجلين فباع أحدهما نصيبه من البئر بطريقه في الأرض فان ذلك لا يجوز لأنه ببيع طريقا بينه وبين آخر وأحد الشريكين في الأرض لا يملك أن يبيع طريقا فيها لا برضا شريكه ولو باع نصف البئر بغير طريق جاز
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب المزارعة 2
2 باب المزارعة على قول من يجيزها في النصف والثلث 17
3 باب ما للمزارع أن يمنع منه بعد العقد 25
4 باب الأرض بين رجلين يدفعها أحدهما إلى صاحبه مزارعة 27
5 باب اجتماع صاحب الأرض مع الآخر على العمل والبذر مشروط عليهما 30
6 باب اشتراط شئ بعينه من الريع لأحدهما 32
7 باب ما يفسد المزارعة من الشروط وما لا يفسدها 36
8 باب الشرط فيما تخرج الأرض وفى الكراب وغيره 38
9 باب العذر في المزارعة والاستحقاق 44
10 باب العذر في المعاملة 56
11 باب ما يجوز لاحد المزارعين أن يستثنيه لنفسه وما لا يجوز 60
12 باب عقد المزارعة على شرطين 62
13 باب اشتراط عمل العبد والبقر من أحدهما 67
14 باب التولية في المزارعة والشركة 70
15 باب تولية المزارع ومشاركته والبدر من قبله 75
16 باب دفع المزارع الأرض إلى رب الأرض أو مملوكه مزارعة 78
17 باب الشروط التي تفسد المزارعة 80
18 باب المزارعة يشترط فيها المعاملة 83
19 باب الخلاف في المزارعة 85
20 باب اختلافهما في المزارعة فيما شرط كل واحد منهما لصاحبه 88
21 باب العشر في المزارعة والمعاملة 97
22 باب المعاملة 101
23 باب من المعاملة أيضا 104
24 باب الأرض بين الرجلين يعملان فيه أو أحدهما 107
25 باب مشاركة العامل مع آخر 115
26 باب مزارعة المرتد 118
27 باب مزارعة الحربي 121
28 باب مزارعة الصبي والعبد 123
29 باب الكفالة في المزارعة والمعاملة 126
30 باب مزارعة المريض ومعاملته 128
31 باب الوكالة في المزارعة والمعاملة 137
32 باب الزيادة والحط في المزارعة والمعاملة 143
33 باب النكاح والصلح من الجناية والخلع والعتق والمكاتبة في المزارعة والمعاملة 144
34 باب عمل صاحب الأرض والنخل فيها بأمر العامل أو بغير أمره 147
35 باب اشتراط بعض العمل على العامل 150
36 باب موت المزارع ولا يدرى ما صنع في الزرع واختلافهما في البذر والشرط 155
37 باب المزارعة والمعاملة في الرهن 158
38 باب الشروط الفاسدة التي تبطل وتجوز المزارعة 160
39 كتاب الشرب 161
40 باب الشهادة في الشرب 193
41 باب الخيار في الشرب 195