المبسوط - السرخسي - ج ٢٣ - الصفحة ١٩١
عليه فهو جائز لان جهة الانتفاع بالشرب تتعين وقد أناب الوكيل فيه مناب نفسه فلا يحتاج بيانه لصحة التوكيل لان الحاجة إلى البيان لتمكن الوكيل من تحصيل مقصود الموكل وذلك فيما لا تكون الجهة متعينة فيه وليس له أن يبيع شرب أرضه كما ليس لصاحب الشرب أن يبيعه بنفسه ولا أن يسقى أرض غيره لان ذلك تبرع وبمطلق التوكيل لا يملك التبرع كمن وكل غيره بماله ملك الحفظ بهذا اللفظ دون التبرع وإذا اتخذ الرجل مشرعة على شاطئ الفرات ليستقى منها السقاؤون ويأخذ منهم الاجر لم يجز ذلك لأنه لم يبتعهم شيئا ولم يؤاجرهم أرضا معناه انهم يأخذون الماء من الفرات في أوانيهم والماء في الفرات غير مملوك لصاحب المشرعة ثم الموضع الذي اتخذ فيه المشرعة من الأرض غير مملوك له ولو كان مملوكا فهو لم يؤاجرهم ذلك الموضع (ألا ترى) انه في يده على حاله وشرط إجارة الأرض تسليمها إلى المستأجر ولأنهم لا ينتفعون بالأرض وإنما ينتفعون بالماء فما يعطونه من الماء لا يكون عوضا عن منفعة الأرض بل هو أكل مال الغير بالباطل ولو تقبل هذه المشرعة كل شهر بشئ مسمى تقوم فيه الدواب أجزت ذلك لأنه التزم الاجر بمقابلة منفعة الأرض فان ايقاف الدواب في موضع من الأرض انتفاع بها ويد المستأجر تثبت عليه بايقاف الدواب فيها وهي معلومة ببيان المدة فصحت الإجارة لذلك وكذلك لو أستأجر رجل قطعة منها يوما يقيم فيها بغير آلة جاز وهذا بخلاف الأول فان السقائين ما استأجروا موضعا معلوما ولا بينوا لوقوفهم مدة معلومة فبطلت الإجارة هناك للغرر والجهالة وان كانت هذه المشرعة لا يملكها الذي اتخذها فلا ينبغي له هذا ولا يصلح له بمنزلة من أراد أن يبنى دكانا في الطريق ليؤاجره من الناس منع من ذلك وهذا لان في الطريق حق عامة المسلمين فكذلك في موضع المشرعة من شط الفرات حق جميع المسلمين فلا ينبغي له أن يحول بينهم وبين حقهم باتخاذ المشرعة فيه ليؤاجره فيكتسب لنفسه ولو كانت في موضع لا حق فيه لاحد فاتخذ مشرعة في ذلك المكان كان للمسلمين أن يستقوا من ذلك المكان بغير أجر كما كان لهم ذلك قبل أن تتخذ فيه مشرعة وهذا لان بتصرفه لا يملك ابطال حق المسلمين ولا أن يحول بينهم وبين حوائجهم وإنما أرخص له في ذلك إذا كانت الأرض له يملك رقبتها فحينئذ لا حق لاحد فيه خصوصا في غير وقت الضرورة ولو أراد المسلمون أن يمروا في تلك الأرض ليسقوا من ذلك الماء فمنعهم منه فإن لم يكن له طريق غيره لم يكن له أن يمنعهم وإن كان يملك رقبتها
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب المزارعة 2
2 باب المزارعة على قول من يجيزها في النصف والثلث 17
3 باب ما للمزارع أن يمنع منه بعد العقد 25
4 باب الأرض بين رجلين يدفعها أحدهما إلى صاحبه مزارعة 27
5 باب اجتماع صاحب الأرض مع الآخر على العمل والبذر مشروط عليهما 30
6 باب اشتراط شئ بعينه من الريع لأحدهما 32
7 باب ما يفسد المزارعة من الشروط وما لا يفسدها 36
8 باب الشرط فيما تخرج الأرض وفى الكراب وغيره 38
9 باب العذر في المزارعة والاستحقاق 44
10 باب العذر في المعاملة 56
11 باب ما يجوز لاحد المزارعين أن يستثنيه لنفسه وما لا يجوز 60
12 باب عقد المزارعة على شرطين 62
13 باب اشتراط عمل العبد والبقر من أحدهما 67
14 باب التولية في المزارعة والشركة 70
15 باب تولية المزارع ومشاركته والبدر من قبله 75
16 باب دفع المزارع الأرض إلى رب الأرض أو مملوكه مزارعة 78
17 باب الشروط التي تفسد المزارعة 80
18 باب المزارعة يشترط فيها المعاملة 83
19 باب الخلاف في المزارعة 85
20 باب اختلافهما في المزارعة فيما شرط كل واحد منهما لصاحبه 88
21 باب العشر في المزارعة والمعاملة 97
22 باب المعاملة 101
23 باب من المعاملة أيضا 104
24 باب الأرض بين الرجلين يعملان فيه أو أحدهما 107
25 باب مشاركة العامل مع آخر 115
26 باب مزارعة المرتد 118
27 باب مزارعة الحربي 121
28 باب مزارعة الصبي والعبد 123
29 باب الكفالة في المزارعة والمعاملة 126
30 باب مزارعة المريض ومعاملته 128
31 باب الوكالة في المزارعة والمعاملة 137
32 باب الزيادة والحط في المزارعة والمعاملة 143
33 باب النكاح والصلح من الجناية والخلع والعتق والمكاتبة في المزارعة والمعاملة 144
34 باب عمل صاحب الأرض والنخل فيها بأمر العامل أو بغير أمره 147
35 باب اشتراط بعض العمل على العامل 150
36 باب موت المزارع ولا يدرى ما صنع في الزرع واختلافهما في البذر والشرط 155
37 باب المزارعة والمعاملة في الرهن 158
38 باب الشروط الفاسدة التي تبطل وتجوز المزارعة 160
39 كتاب الشرب 161
40 باب الشهادة في الشرب 193
41 باب الخيار في الشرب 195