المبسوط - السرخسي - ج ٢٣ - الصفحة ١٨٧
ملكه وهو نظير ما لو أوقد النار في أرضه فوقع الحريق بسبب ذلك فإنه لا يكون ضامنا لكونه متصرفا في خالص ملكه وكذلك لو نزت أرض جاره من هذا الماء ولو اجتمع في هذا الماء سمك فصاده رجل كان للصياد لقوله عليه الصلاة والسلام الصيد لمن أخذه وهو نظير ما لو اصطاد من أرض رجل ظبيا فأن يكون له دون صاحب الأرض وإن كان لصاحب الأرض أن يمنعه من الدخول في أرضه وإذا كانت لرجل أرض فيها مراعى فاجر مراعيها أو باعها كل سنة بشئ مسمى ترعي فيها غنم مسماة فان ذلك لا يجوز لان المقصود هو الكلأ وهو على أصل شركة الإباحة لا اختصاص لصاحب المرعى به ثم هذا استئجار المقصود به استهلاك العين وشراء ما هو مجهول لا يعرف فيكون باطلا كبيع الشرب واجارته ولو أخذ صاحب الأرض شيئا من هذا فأحرزه ثم باعه كان جائزا بمنزلة الماء الذي أحرزه في الأواني وهذا لان ملكه بالاحراز فيه قد تم وهو متقوم لكونه منتفعا به ولو كان زرع رجل قصيلا في أرضه ثم أجره من رجل يرعي فيه غنمه كان باطلا لان المقصود بهذا الاستئجار استهلاك العين ولأنه إنما يستحق بالإجارة ما لا يجوز بيعه والقصيل عين يجوز بيعه فلا يستحق بالإجارة على المستأجر قيمة ما رعت غنمه من ذلك لأنه صار مستوفيا مستهلكا له بحكم عقد فاسد وهذا بخلاف الكلأ في المرعى فقد نبت ذاك من غير انبات أحد فكان على أصل الإباحة المشترى والبائع في الانتفاع به سواء وهذا مما استنبته صاحب الأرض فيكون مملوكا له حتى لو باعه جاز بيعه وإنما لم تجز اجارته لما قلنا ولمعنى الغرر فيه فإذا أتلف ملكا متقوما لغيره بسبب عقد فاسد كان مضمونا عليه بقيمته ولو أستأجر مرعى لعبد بعينه فرعاه في تلك السنة لم يضمن ما رعي ويأخذ عبده لأن العقد كان فاسدا فيسترد عبده بحكم العقد الفاسد فإن كان المؤاجر قد أعتقه أو باعه جاز ذلك ويضمن قيمته لأنه ملكه بالقبض بحكم عقد فاسد فينفذ عتقه فيه وهذا لان البيع محل للملك فينفذ العقد مقيدا بحكمه وهو نظير ما إذا اشترى عبدا بشرب بخلاف العبد بالربح فهناك وان قبض المشترى لا يملكه ولا ينفذ عتقه فيه بمنزلة البيع بالميتة والدم لان الربح لا يتقوم بالعبد بحال ولا يدخل في العقد أصلا فبتسميته يخرج السبب من أن يكون تمليك مال بمال فاما الشرب والكلأ فمما يجوز أن يستحق بالعقد تبعا للأرض وهو منتفع به شرعا (ألا ترى) انه يتصور فيه الاحراز الموجب للملك وبعد الاحراز يكون مالا متقوما فقبل الاحراز ينعقد العقد بتسميته على
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب المزارعة 2
2 باب المزارعة على قول من يجيزها في النصف والثلث 17
3 باب ما للمزارع أن يمنع منه بعد العقد 25
4 باب الأرض بين رجلين يدفعها أحدهما إلى صاحبه مزارعة 27
5 باب اجتماع صاحب الأرض مع الآخر على العمل والبذر مشروط عليهما 30
6 باب اشتراط شئ بعينه من الريع لأحدهما 32
7 باب ما يفسد المزارعة من الشروط وما لا يفسدها 36
8 باب الشرط فيما تخرج الأرض وفى الكراب وغيره 38
9 باب العذر في المزارعة والاستحقاق 44
10 باب العذر في المعاملة 56
11 باب ما يجوز لاحد المزارعين أن يستثنيه لنفسه وما لا يجوز 60
12 باب عقد المزارعة على شرطين 62
13 باب اشتراط عمل العبد والبقر من أحدهما 67
14 باب التولية في المزارعة والشركة 70
15 باب تولية المزارع ومشاركته والبدر من قبله 75
16 باب دفع المزارع الأرض إلى رب الأرض أو مملوكه مزارعة 78
17 باب الشروط التي تفسد المزارعة 80
18 باب المزارعة يشترط فيها المعاملة 83
19 باب الخلاف في المزارعة 85
20 باب اختلافهما في المزارعة فيما شرط كل واحد منهما لصاحبه 88
21 باب العشر في المزارعة والمعاملة 97
22 باب المعاملة 101
23 باب من المعاملة أيضا 104
24 باب الأرض بين الرجلين يعملان فيه أو أحدهما 107
25 باب مشاركة العامل مع آخر 115
26 باب مزارعة المرتد 118
27 باب مزارعة الحربي 121
28 باب مزارعة الصبي والعبد 123
29 باب الكفالة في المزارعة والمعاملة 126
30 باب مزارعة المريض ومعاملته 128
31 باب الوكالة في المزارعة والمعاملة 137
32 باب الزيادة والحط في المزارعة والمعاملة 143
33 باب النكاح والصلح من الجناية والخلع والعتق والمكاتبة في المزارعة والمعاملة 144
34 باب عمل صاحب الأرض والنخل فيها بأمر العامل أو بغير أمره 147
35 باب اشتراط بعض العمل على العامل 150
36 باب موت المزارع ولا يدرى ما صنع في الزرع واختلافهما في البذر والشرط 155
37 باب المزارعة والمعاملة في الرهن 158
38 باب الشروط الفاسدة التي تبطل وتجوز المزارعة 160
39 كتاب الشرب 161
40 باب الشهادة في الشرب 193
41 باب الخيار في الشرب 195