المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١١٢
السبب المطلق للأداء المعاينة سمى الأداء شهادة واليه أشار النبي صلى الله عليه وسلم في قوله للشاهد إذا رأيت مثل هذا الشمس فاشهد والا فدع وقيل هي مشتقة من معنى الحضور يقول الرجل شهدت مجلس فلان أي حضرت قال الله تعالى وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ومن حيث أنه يحضر مجلس القاضي للأداء يسمى شاهدا وتسمى أداء شهادة ثم القياس يأبى كون الشهادة حجة في الاحكام) لأنه خبر محتمل للصدق والكذب والمحتمل لا يكون حجة ملزمة ولان خبر الواحد لا يوجب العلم والقضاء ملزم فيستدعي سببا موجبا للعمل وهو المعاينة فالقضاء أولى ولكنا تركنا ذلك بالنصوص التي فيها أمر للاحكام بالعمل بالشهادة من ذلك قول الله تعالى واستشهدوا شهيدين من رجالكم وقال الله تعالى اثنان ذوي عدل منكم وقال صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي وفيه معنيان أحدهما حاجة الناس إلى ذلك لان المنازعات والخصومات تكثر بين الناس وتتعذر إقامة الحجة الموجبة للعلم في كل خصومة والتكليف بحسب الوسع والثاني معنى إلزام الشهود حيث جعل الشرع شهادتهم حجة لايجاب القضاء مع احتمال الكذب إذا ظهر رجحان جانب الصدق واليه أشار النبي صلى الله عليه وسلم في قوله أكرموا الشهود فان الله تعالى يحيى الحقوق بهم ولما خص الله تعالى هذه الأمة بالكرامات وصفهم بكونهم شهداء على الناس في القيامة قال الله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس وقد يجب العمل بما لا يوجب علم اليقين كالقياس في الاحكام بغالب الرأي في موضع الاجتهاد ثم القياس بعد هذا أن يكتفى بشهادة الواحد لان رجحان جانب الصدق يظهر في خبر الواحد بصفة العدالة ولهذا كان خبر الواحد العدل موجبا للعمل وكما لا يثبت علم اليقين بخبر الواحد لا يثبت بخبر العدد ما لم يبلغوا أحد التواتر فلا معنى لاشتراط العدد ولكن تركنا ذلك بالنصوص ففيها بيان العدد في الشهادات المطلقة كما لو تلونا من الآيات قال الله تعالى واشهدوا ذوي عدل منكم وقال الله تعالى فاستشهدوا عليهن أربعة منكم وقال صلى الله عليه وسلم للمدعى ليس لك الا شاهد شاهداك أو يمينه فان (قيل) هذه النصوص بيان جواز العمل بشهادة العدد وليس فيها بيان نفى ذلك بدون العدد (قلنا) لا كذلك فالمقادير في الشرع اما لمنع الزيادة والنقصان دون الزيادة كأقل مدة الحيض والسفر أو لمنع الزيادة دون النقصان كأكثر مدة الحيض وهنا التقدير ليس لمنع الزيادة فلو لم يفد منع النقصان لم يبق لهذا التقدير فائدة وحاشا أن يكون التقدير المنصوص خاليا عن الفائدة ثم فيه معنى طمأنينة القلب وذلك عند اخبار العدد أظهر
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست