المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ٨٢
قال كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضمن الصياغ ما أفسدوا من متاع الناس أوضاع على أيديهم وقد بينا اختلافهم فيما إذا حصل التلف بغير صنع الأجير وفي هذا دليل على اجتماعهما على تضمين الأجير المشترك لما جنت يده لان قوله ما أفسدوا من متاع الناس عبارة عن التلف بعلمهم فهو دليل على زفر والشافعي رحمهما الله لنا فإنهما يقولان لا يضمن ما جنت يده وسيأتيك بيان المسألة في موضعه إن شاء الله تعالى وعن إبراهيم ابن أبي الهيثم رحمه الله اتبعت كاذيا من السفن فحملت خوابي منها حمالا فانكسرت الخابية فخاصمته إلى شريح رحمه الله فقال الحمال زاحمني في السوق فانكسرت قال شريح رحمه الله إنما استأجرك لتبلغها أهله فضمنه إياها والكاذي دهن تحمل من الهند في السفن إلى العراق وقيل هو اسم لما يتخذه راكب السفينة من الأواني كالأمتعة لحاجته فيسع ذلك إذا خرج من السفينة وقد بينا أنه كان من مذهب شريح رحمه الله تضمين الأجير المشترك بما يمكن التحرز عنه من الأسباب والحمال أجير مشترك وكثرة الزحام مما يمكن التحرز عنه بأن يصبر حتى يقل الزحام فلهذا ضمنه وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله لا ضمان على الحمال فيما تلف في يده بفعل غيره وهو ضامن إذا تعثر أو زلقت رجله لان ذلك من فعله والقول قوله بعد أن يحلف لأنه أمين عنده فإذا أنكر السبب الموجب للضمان عليه كان القول قوله مع يمينه وعن ابن سيرين رحمه الله قال كان شريح رحمه الله إذا أتاه حائك بثوب قد أفسده قال رد عليه مثل غزله وخذ الثوب وإن لم بر فسادا قال على بشاهدي عدل على شرط لم يوفك به وفيه دليل على أن الأجير المشترك إذا أفسد كان ضامنا لصاحب المال مثل ماله فيما هو من ذوات الأمثال والغزل من ذوات الأمثال وان أداء الضمان يوجب الملك له في المضمون وبآخر الحديث أخذ ابن أبي ليلى رحمه الله فيقول إذا اختلفا في الشرط القول قول الحائك وعلى رب الثوب البينة أنه خالف شرطه وعندنا القول قول رب الثوب لان الاذن مستفاد من جهته فالقول قوله في صفته وعن عامر رحمه الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته رجل باع حرا وأكل ثمنه واسترق الحر ورجل استأجر أجيرا واستوفي عمله ومنعه أجره ورجل أعطى بي ثم غدر واللفظ الذي ذكر في هذا الحديث أبلغ ما يكون من الوعيد فرسول الله صلى الله عليه وسلم شفيع لامته وكل مؤمن يرجو النجاة بشفاعته فإذا صار الشفيع خصما يشتد الامر وهو معنى قوله ومن كنت خصمه خصمته
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست