المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ٨٤
الله صلى الله عليه وسلم قال من السحت عسب التيس ومهر البغي وكسب الحجام والمراد بمهر البغي ما تأخذ الزانية شرطا على الزنا فقد كانوا يؤاجرون الإماء لذلك وفيه نزل قوله تعالى ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء الآية لما قرن بين ذلك وكسب الحجام عرفنا أن كسب الحجام حرام ولكنا نقول هذا النهى في كسب الحجام قد انفسخ بدليل ما ذكره في آخر حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال فأتاه رجل من الأنصار وقال إن لي حجاما وناضحا أفأعلف ناضحي من كسبه قال نعم وأتاه آخر فقال إن لي عيالا وحجاما أفأطعم عيالي من كسبه قال نعم فالرخصة بعد النهى دليل انتساخ الحرمة ودل عليه أيضا حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره ولو كان حراما لم يعطه لأنه كما لا يحل أكل الحرام لا يحل إيكاله قال صلى الله عليه وسلم لعن الله آكل الربا وموكله وقال صلى الله عليه وسلم لعن الله الراشي والمرتشي ومن أصحابنا رحمهم الله من يقول هذا النهى في كسب الحجامة ما كان على سبيل التحريم بل على سبيل الاشفاق فان ذلك يدنى بالمرء به ويخسسه وقال صلى الله عليه وسلم ان الله يحب معالي الأمور ويبغض سفسافها ونحن نقول به فالأولى للمؤمن أن يكتسب بما لا يدينه وقد دل عليه حديث عثمان رضي الله عنه حين سأل بعض مواليه عن كسبه فذكر أنه حجام فقال إن كسبك لوسخ وذكر عن عطاء ومجاهد وطاوس رحمهم الله قال لا ضمان على الأجير الراعي وان اشترطوا ذلك عليه وبه يقول إن كان أجير واحد فهو أمين كالمودع واشتراط الضمان على الأمين باطل وإن كان الراعي مشتركا فلا ضمان عليه فيما تلف بغير فعله عند أبي حنيفة رحمة الله عليه شرط ذلك عليه أو لم يشترط وهو ضامن لما تلف من فعله شرط ذلك أو لم يشترط وعندهما ما تلف بما لا يمكن التحرز عنه فلا ضمان عليه فيه شرط أو لم يشترط فاشتراط الضمان عليه باطل على اختلاف الأصلين والله أعلم بالصواب (باب الرجل يستصنع الشئ) (قال رحمه الله اعلم بان البيوع أنواع أربعة بيع عين بثمن وبيع دين في الذمة بثمن وهو السلم وبيع عمل العين فيه تبع وهو الاستئجار للصناعة ونحوهما فالمعقود عليه الوصف الذي يحدث في المحل بعمل العامل والعين هو الصبغ بيع فيه وبيع عين شرط فيه العمل وهو الاستصناع
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست