المبسوط - السرخسي - ج ١٥ - الصفحة ٧٨
في الأصل وعن رافع بن خديج رضي الله عنه قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على حائط فأعجبه فقال لمن هذا الحائط فقلت لي استأجرته فقال صلى الله عليه وسلم لا تستأجره بشئ منه وفيه دليل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه من الدنيا ما يعجب غيره ولكنه كان لا يركن إليه كما قال الله تعالى ولا تمدن عينيك إلى متعنا به الآية وهذا القدر من الاعجاب لا يضر أحدا بخلاف ما يقوله جهال المتعسفة أن من أعجبه شئ من الدنيا ينتقص من الايمان بقدره فكيف يستقيم هذا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حبب إلى من دنياكم ثلاث النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة فلما أعجبه قال صلى الله عليه وسلم لمن هذا وفيه بيان أن هذا ليس من جملة مالا يعنى المرء فرسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتكلم بما لا يعينه ولكنه من باب الاستئناس وحسن الصحبة وفي قول رافع رضي الله عنه لي استأجرته دليل على أن الشئ يضاف إلى المرء وإن كان لا يملكه حقيقة فان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكر ذلك عليه ولهذا قلنا من حلف أن لا يدخل دار فلان فدخل دارا " يسكنها فلان بإجارة أو عارية حنث وفي الحديث دليل جواز الاستئجار للأراضي ودليل فساد عقد المزارعة ففي المزارعة استئجار الأرض ببعض ما يخرجه ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم رافع بن خديج رضي الله عنه عن استئجار الأرض بشئ منه فهو حجة أبي حنيفة رضي الله عنه على من أجازه وعن الشعبي رحمه الله في رجل استأجر بيتا وأجره بأكثر مما استأجره به أنه لا بأس بذلك إذا كان يفتح بابه ويغلقه ويخرج متاعه فلا بأس بالفضل وفيه دليل أن للمستأجر أن يؤجر من غيره وبه يقول فجواز هذا العقد من المالك قبل وجود المنفعة كان بالطريق الذي قلنا وهو موجود في حق المستأجر ولان المالك ما كان يتمكن من مباشرة العقد عليها يعد الوجود لأنها لا تبقى فكذلك المستأجر ثم بين أنه إنما يجوز له أن يستفضل إذا كان يعمل فيه عملا نحو فتح الباب واخراج المتاع فيكون الفضل له بإزاء عمله وهذا فضل اختلف فيه السلف رحمهم الله كان عطاء رحمه الله لا يرى بالفضل بأسا ويعجب من قول أهل الكوفة رحمهم الله حيث كرهوا الفضل وبقوله أخذ الشافعي رضي الله عنه وكان إبراهيم رحمه الله يكره الفضل إلا أن يزيد فيه شيئا فان زاد فيه شيئا طاب له الفضل وأخذنا بقول إبراهيم رحمه الله وقلنا إذا أصلح في البيت شيئا أو طين البيت أو جصص أو زاد فيه لوحا فالفضل حلال لان الزيادة بمقابلة ما زاد من عنده حملا لامره على الصلاح وإن لم يزد فيه شيئا لا يطيب له الفضل لنهى النبي صلى
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست