المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ٥٥
يدفع الضرر عن نفسه ولا يملك الحاق الضرر بصاحبه. قال (ولو اشترى ثوبين كل واحد منهما بعشرة دراهم على أنه بالخيار ثلاثة أيام يمسك أيهما شاء ويرد الآخر جاز العقد) عندنا استحسانا وكذلك هذا في ثلاثة أثواب وفيما زاد على الثلاثة العقد فاسد و (قال) زفر رحمه الله ما زاد على الثلاث وما دون الثلاث فيه سواء فالعقد فاسد وهو القياس في الثلاثة والاثنين لأن المبيع مجهول فان المبيع أحد الثياب وهي متفاوتة في نفسها وجهالة المبيع فيما يتفاوت يمنع صحة العقد * ألا ترى أنه لو لم يسم لكل ثوب ثمنا كان العقد فاسدا لجهالة المبيع وكذلك لو لم يشترط الخيار لنفسه كان العقد فاسدا فكذلك إذا اشترط الخيار لان شرط الخيار يزيد في معنى الغرور ولا يزيله * وجه الاستحسان ان هذا الجهالة لا تفضي إلى المنازعة لأنه شرط الخيار لنفسه وبحكم خياره يستند بالتعيين والجهالة التي لا تفضي إلى المنازعة لا تمنع صحة العقد كما إذا اشترى قفيزا من الصبرة بخلاف ما إذا لم يشترط الخيار لنفسه فالجهالة هناك تفضي إلى المنازعة وبخلاف ما إذا لم يسم لكل ثوب ثمنا لان هناك ثمن ما يتناوله العقد مجهول فإنما فسد العقد لجهالة الثمن ثم الجهالة التي تتمكن بسبب عدم تعيين الثمن معتبر بالقدر الذي يتمكن بسبب شرط الخيار وذلك يتحمل في الثلث وما دونه ولا يتحمل في الزيادة على ذلك فكذا هذا اعتبارا للمحل بالزمان وهذا لان احتمال هذه الجهالة لأجل الحاجة * فقد يتشرى الانسان لعياله ثوبا ولا يعجبه أن يحمل عياله إلى السوق ولا يرضي البائع بالتسليم إليه ليحمله إلى عياله بغير عقد فيحتاج إلى مباشرة العقد بهذه الصفة وهذه الحاجة مقصورة على الثلاث لان كل نوع يشتمل على أوصاف ثلاثة جيد ووسط وردئ فإذا حمل الثلاثة إلى أهله ثم المقصود فأخذنا فيما زاد على ذلك بالقياس لعدم الحاجة فيه كما فعلنا ذلك في شرط الخيار تم نص في هذا الموضع على تقدير الخيار بثلاثة أيام وهو الصحيح لان هذا خيار ثبت بالشرط فلا بد فيه من اعلام المدة وان أطلق ذلك في غير هذا الموضع من الكتب. قال (فان هلك أحدهما أو دخله عيب لزمه ثلثه ويرد الباقي وهو فيه أمين لأنه عجز عن رد الهالك منهما بحكم الخيار فيتعين البيع فيه) وهذا لأنه حين أشرف على الهلاك فقد ثبت في يده وعجز عن رده كما قبضه فيلزمه البيع فيه ثم يكون هالكا على ملكه فإذا تعين البيع في الهالك كان هو أمينا في الآخر لأنه قبضهما باذن البائع على أن يكون المبيع أحدهما دون الآخر فكان أحدهما بغير عينه مبيعا والآخر
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست