المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ٥٨
صار كالمعدوم ولو ماتت إحداهما في يده أو جنى عليها قبل التعيب لزمه البيع فيها ويرد الأخرى فهذا مثله وان أعتق البائع التي اختار المشترى لم يعتق لان باختيار المشترى تعين البيع فيها فإنما أعتق البائع مالا يملكه وان أعتقهما جميعا عتقت التي ترد عليه منهما لان عتقه نفذ في إحديهما فان إحديهما مبيعة خارجة عن ملكه وإن كان للمشتري فيها خيار فلا ينفذ عتقه فيها والأخرى أمانة وهي باقية على ملكه فينفذ عتقه فيها إلا أن باعتاقه لا يسقط الخيار الثابت للمشترى لان البائع غير متمكن من اسقاط خياره فيقال للمشتري اختر أيتهما شئت فإذا اختار إحديهما تعينت الأخرى للرد فينفذ عتق البائع فيها. قال (وان اختار ردهما جميعا فعتق البائع إنما ينفذ في إحديهما) لان إحديهما ما كانت مملوكة له حين أعتق فلا ينفذ عتقه فيها وان عادت إليه بعد ذلك وإذا نفذ عتقه في إحديهما بغير عينها كان البيان فيه إلى البائع. قال (ولو لم يعتق واحد من الموليين شيئا منهما ولكن المشترى وطأهما فحبلتا ثم مات قبل أن يبين أيتهما اختار فان عرفت الموطوءة أولا فهي أم ولده) لان إقدامه على وطئها تعيين للبيع فيها واسقاط للخيار فان الوطئ لا يحل الا في الملك فاقدامه عليه دليل تقريره الملك فيها * ألا ترى ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه لما خير بريرة رضى الله تعالى عنها (قال) لها ان وطئك زوجك فلا خيار لك فقد جعل تمكينها نفسها من الزوج مسقطا لخيارها وإذا تعين بيعه فيها وقد استولدها كان عليه ثمنها وهي أم ولد له ويرد الأخرى وولدها على البائع ولا يثبت نسبه من المشترى لأنه ليس له في الأخرى ملك ولا شبهة ملك وعليه عقرها * وهذا لان الحد قد سقط بالشبهة صورة العقد والوطئ في غير الملك لا ينفك عن حد أو عقر فإذا سقط الحد لزمه عقرها وإن لم يعلم أيتهما وطئت أولا فالقول قول ورثته لأنهم قائمون مقامه وهو لو بين الموطوءة أولا منهما وجب قبول بيانه * فكذلك بيان ورثته بعده وهذا. لان ثمن الموطوءة أولا وجب على الوارث قضاؤه من التركة والقول قوله في بيان ما لزمه ثمنه فإنهم ان قالوا لا نعلم لزم المشترى نصف ثمن كل واحدة منهما ونصف عقرها لأنه ليست إحداهما بتعيين البيع فيها بأولى من الأخرى فيتبع البيع فيهما ويلزمه نصف ثمن كل واحدة منهما وقد لزمه عقر إحديهما بالوطئ وليست إحداهما بذلك بأولي من الأخرى فلزمه نصف عقد كل واحدة منهما وتسعى كل واحدة منهما في نصف قيمتها للبائع لان المبيعة منهما أم ولده وقد عتقت بموته وليست إحداهما بذلك بأولى من الأخرى
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست