المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ٦٦
البدل الآخر عن ملكه كان مالكا بغير عوض وليس هذا بموجب البيع ان ثبت الملك به بغير عوض وإذا ثبت الملك له بغير عوض فلا يجوز أن يجب عليه العوض بعد ذلك اذن يكون ذلك عوضا يلزمه عن ملك نفسه * فالحاصل انهما بينا مذهبهما على اعتبار حال البدل وأبو حنيفة رضي الله عنه بنى مذهبه على اعتبار حال العاقد وأن الذي شرط الخيار لما استثنى الرضا لم يثبت حكم العقد أصلا في حقه لا في البدل الذي من جانبه ولا في البدل الذي من جانب صاحبه واعتبار هذا الجانب أولي لما قررنا ووجوب الشفعة للمشترى بها لأنه صار أحق بها تصرفا لأنه ملكها بمنزلة العبد المأذون إذا بيعت دار بجنب داره يجب له الشفعة لهذا المعنى ولهذا لو أعتقه المشترى نفذ عتقه لأنه صار أحق بالتصرف فيه واقدامه على الاعتاق اسقاط منه لخياره * ويتفرع على الأصل الذي بينا مسائل. منها أن من اشترى قريبه على أنه بالخيار ثبت خياره عند أبي حنيفة رضي الله عنه ولم يعتق عليه لأنه لم يملكه وعندهما عتق عليه لأنه قد ملكه ولا خيار له فيه وكذلك لو قال إن ملكت هذا العبد فهو حر فاشتراه على أنه بالخيار بخلاف ما إذا قال إن اشتريته فهو حر لان عند وجود الشرط يصير كالمنشئ للعتق فإذا كان الشرط هو الشراء يجعل بعد الشراء كأنه أعتقه فلهذا يعتق عندهم جميعا وعلى هذا لو اشترى زوجته على أنه بالخيار ثلاثة أيام لا يفسد النكاح عند أبي حنيفة ولو وطئها في المدة كان الوطئ بحكم النكاح ولا يمنعه من ردها بخياره. وعندهما يفسد النكاح ولو وطئها في المدة لم يكن له أن يردها بحكم خياره. ومنها أن المسلم إذا اشترى عصيرا على أنه بالخيار ثلاثة أيام فقبضه فتخمر في يده فعلى قولهما يسقط خياره لأنه قد صار مالكا فلا يتمكن من رده بعد التخمر وعند أبي حنيفة رضي الله عنه لم يكن مالكا فيفسد البيع بالتخمر لأنه لو لم يفسد البيع لكان متملكا باسقاط الخيار بعد ما تخمر. وذلك لا يجوز وقيل في هذا الموضع تتغير العين من صفة إلى صفة في ضمان المشترى فينبغي أن يسقط الخيار عندهم جميعا وإنما هذا للاختلاف في ذمي اشترى من ذمي خمرا على أن المشترى بالخيار وقبضها ثم أسلم. فعندهما يسقط خياره لأنه كان مالكا فلا يردها بعد اسلامه. وعند أبي حنيفة يبطل البيع لأنه لم يكن مالكا ولو لم يبطل البيع يتملكها عند اسقاط الخيار بحكم العقد بعد اسلامه وذلك لا يجوز. ومنها ان من اشترى جارية على أنه بالخيار وقبضها ثم ردها بحكم الخيار فعند أبي حنيفة رضي الله عنه لا يجب على البائع استبراء جديد لأنه لم
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست