المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ٢٠٩
حاجته من ذلك الا بالشراء فصار كل واحد منهما مستثنيا هذا المقدار من تصرفه كما هو من مقتضى المفاوضة والاستثناء المعلوم بدلالة الحال كالاستثناء بالشرط ولان سبب المفاوضة إنما يجب المساواة شرعا فيما يتمكن كل واحد منهما من الوقاية وذلك فيما سوى الطعام والكسوة والإدام فان اشترى أحدهما شيئا من ذلك كان له خاصة وللبائع أن يطالب بالثمن أيهما شاء لان المشترى باشر سبب الالتزام والآخر كفل عنه ما لزمه بالشراء بسبب الشركة فإذا أداه أحدهما من مال الشركة رجع المؤدى على المشترى بقدر صحته من ذلك لان الثمن كان عليه خاصة وقد قضى من مال الشركة وان كانت الأشياء في يد أحدهما فجحد المفاوضة فقد وقعت الفرقة لجحوده لان كل واحد منهما ينفرد بفسخ الشركة بمحضر من صاحبه فجحوده يكون فسخا لأنه ينفى بالجحود عقد الشركة بينهما فيما مضي ومن ضرورة ذلك بعينه في الحال وهو ضامن لنصف جميع ما في يده إذا قامت البينة على المفاوضة لأنه كان أمينا في نصيب صاحبه فبالجحود يصير ضامنا كالمودع إذا جحد الوديعة وكذلك لو جحد وارثه بعد موته لان نصيب الآخر في يد وارث الميت أمانة فبالجحود يصير ضامنا فان ماتا وأوصى كل واحد منهما إلى رجل فوصى كل واحد منهما يطالب بما ولى موصيه مبايعته لأنه قائم مقام الموصى وقد انقطعت الشركة بموتهما ولا يطالب بالدين الا من هو قائم مقام الذي ولى المبايعة فإذا قبضه فلا ضمان عليه في ذلك ولا على الورثة بعد أن يكونوا مقرين بالمفاوضة كما لو كان الموصى قبض بنفسه وهو مقر بالمفاوضة كأن أمينا في نصيب صاحبه. قال (وإذا اشترى أحد المتفاوضين جارية لخاصة نفسه ليطأها فإن كان اشتراها بغير أمر شريكه فهي بينهما) وليس له أن يطأها لان هذا الشراء ما صار مستثنى من مقتضى الشركة وانه ما كان يعلم وقوع الحاجة إليه إلا عند الشركة فيقع علي مقتضي الشركة وليس لاحد الشريكين وطئ الجارية المشتركة وان اشتراها باذن شريكه وللبائع أن يأخذ بالثمن أيهما شاء ويحتسبان به فيما بينهما من حصة الذي اشتراها بمنزلة ما يشتريه من الطعام والكسوة لنفسه وعياله (وذكر) في الجامع الصغير أن الجارية للمشترى بغير شئ في قول أبي حنيفة رحمه الله وله أن يطأها وأيهما نقد الثمن لم يرجع علي صاحبه بشئ منه وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله إذا أديا الثمن من مال الشركة فللشريك أن يرجع على المشترى بحصته من الثمن * فتبين بما ذكر هناك ان الجواب المذكور في كتاب الشركة
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست