المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٩٥
التجارة فعل أحدهما كفعلهما واقرار أحدهما ملزم للآخر فيحلف كل واحد منهما بدعوى المدعى فان ادعى شيئا من ذلك عليهما جميعا كان له أن يستحلف كل واحد منهما البتة لان كل واحد منهما الآن يحلف على فعل نفسه فأيهما نكل عن اليمين أمضى الامر عليهما. وان ادعى على ذلك أحدهما وهو غائب كان له أن يستحلف الحاضر على عمله فان حلف ثم قدم الغائب كان له أن يستحلفه البتة كما لو كانا حاضرين وإن كان المفاوض هو الذي ادعى على رجل شيئا من ذلك وحلفه عليه ثم أراد شريكه أن يحلفه أيضا لم يكن له ذلك والفرق من وجهين (أحدهما) أن المفاوض المدعى يكون نائبا عن صاحبه بمنزلة الوكيل وبعدما استحلف بخصومة الوكيل لا يستحلف بخصومة الموكل لان النيابة في الاستحلاف صحيح وإذا كانت الدعوى عليهما فلا يمكن أن يجعل المفاوض المدعى عليه نائبا عن صاحبه في الحلف لان النيابة لا تجرى في اليمين فلهذا كان للمدعى أن يحلف الآخر (والثاني) أن الاشتغال بالاستحلاف فيما إذا كان مقيدا فأما إذا لم يكن مقيدا فلا يشتغل به وان كانت الدعوى من المتفاوضين فاستحلف المدعى عليه بخصومة أحدهما فلا فائدة في استحلافه لخصومة الآخر لأنه بعد ما حلف في حادثة لخصومة انسان لا يمتنع من اليمين في تلك الحادثة لخصومة الاخر فأما إذا كانت الدعوى عليهما وحلف أحدهما كان استحلاف الآخر مفيدا لان أحدهما قد لا يبالي من اليمين والآخر يمتنع من ذلك إذ الناس يتفاوتون في الجرأة على اليمين فلهذا كان للمدعي أن يستحلف الآخر بعد ما حلف أحدهما لرجاء نكوله. قال (وان ادعى على أحد المتفاوضين جراحة خطأ لها أرش واستحلفه البتة فحلف له ثم أراد أن يستحلف شريكه لم يكن له ذلك ولا خصومة له مع شريكه) لان كل واحد منهما كفيل عن صاحبه فيما لزمه بسبب التجارة فأما ما يلزم بسبب الجناية لأن يكون الآخر كفيلا به. ألا ترى أنه لو ثبتت الجناية بالبينة أو بمعاينة السبب لم يكن على الشريك شئ من موجبه ولا خصومة للمجني عليه معه فذلك لا يحلفه عليه لان الاستحلاف لرجاء النكول واقراره بالجناية علي شريكه باطل وكذلك المهر والجعل في الخلع والصلح من جناية العمد إذا ادعاه على أحدهما وحلفه عليه ليس له أن يحلف الآخر لما بينا. قال (وان ادعى على أحد المتفاوضين مالا من كفالة وحوله عليه فله أن يحلف شريكه عليه أيضا) في قول أبي حنيفة رضي الله عنه وفى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله ليس له ذلك. وأصل المسألة ان أحد المتفاوضين إذا كفل بمال فان ذلك يلزم شريكه في
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست