المبسوط - السرخسي - ج ١١ - الصفحة ١٨٦
وبين أن يذكر السبب في أن القاضي يقضى بالحكم والسبب جميعا بالشهادة كما لو شهدوا بالشراء أو بالشراء والملك جميعا للمشترى ثم عند التفسير لم تقبل بينة ذي اليد يعتبرون به مقضيا عليه فكذلك عند الابهام. قال (فان ادعى ذو اليد عينا في يده انه له خاصة وهبه شريكه منه حصته فيه وأقام البينة على الهبة والقبض قبل ذلك منه) ومحمد رحمه الله يستدل بهذا على أبي يوسف رحمه الله ولا حجة له فيه على أبي يوسف رحمه الله لان هنا بينته مقبولة سواء فسر شهود المدعى بشهادتهم أولم يفسروا ثم الفرق انه ليس في قبول هذه البينة ابطال القضاء الأول في هذا العين بل فيها تقرير القضاء الأول لان القضاء الأول بالملك للمدعى وإنما تصح الهبة باعتبار ملكه بخلاف الأول مع قبول البينة هناك ابطال القضاء الأول فيما تناوله القضاء قال ألا ترى أنهم لو شهدا ان هذا العبد الذي في يده مشترك بينهما وقضى القاضي بذلك ثم أقام ذو اليد البينة ان المدعى وهبه له أو تصدق به عليه قبلت بينته.
ولو أقام البينة انه ورثه عن أبيه وهو يملكه أو ان رجلا آخر وهبه منه لم تقبل بينته على ذلك والفرق ما بينا فكذلك في المفاوضة وان ادعى انه شريكه شركة مفاوضة والمال في يد المدعى عليه فأقر له بالمفاوضة وقضى عليه باقراره ثم ادعى عبدا مما كان في يده انه ميراث له أو وهبه من فلان فأقام البينة على ذلك قبل ذلك وقضى له بالعبد وهو دليل لمحمد رحمه الله أيضا من الوجه الذي قلنا إن الثابت بالبينة كالثابت باقرار الخصم ولكن الفرق بينهما لأبي يوسف رحمه الله من وجهين (أحدهما) ان ذا اليد هنا مقر بالمفاوضة مدع الميراث ولا منافاة بينهما وقد أثبت دعواه بالبينة فوجب قبول بينته ألا ترى أنه لو لم يكن له بينة لم كان يستحلف خصمه وفى الأول ذو اليد جاحد مدعى عليه وقد صار مقضيا عليه بحجة صاحبه ألا ترى أنه لو ادعى الميراث ولم يكن له بينه لم يكن له أن يستحلف خصمه فعرفنا بهذا انه منكر والمنكر لا يكون مدعيا فلهذا لم تقبل بينته (والثاني) ان الاقرار موجب الحق بنفسه بدون القضاء وإنما يقضى القاضي بالاقرار فقط ولهذا قلنا إن استحقاق الملك بالاقرار لا يظهر في حق الزوائد المنفصلة فأما البينة لا توجب الا بقضاء القاضي وإنما يقضى القاضي بما هو المقصود وهو كون المال مشتركا بينهما فلهذا لا يقبل بينة ذي اليد بعد ذلك * وكذلك لو كان المال في يديهما جميعا وهما مقران بالمفاوضة فادعى أحدهما شيئا من ذلك أنه له ميراث وأقام البينة قبلت بينته لأنه مدع أثبت دعواه بالحجة وإن لم يكن له بينة استحلف صاحبه
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست