المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ٧٤
له في اسقاطه شرعا وفى وصف التطليقة بالبينونة اسقاط خيار الرجعة ولو صرح به فقال أنت طالق ولا رجعة لي عليك لم يسقط حق الرجعة فهنا أولى ولان إزالة ملك النكاح معتبر بإزالة ملك اليمين تارة يكون بالمعارضة فيثبت بنفسه وتارة يكون بجهة التبرع فيتأخر إلى ما بعد القبض ولو أراد تغييره لا يملك ذلك حتى لو قال وهبت منك هبة توجب الملك بنفسه كان باطلا فكذلك إزالة ملك النكاح تارة يكون بعوض وهو الخلع فيثبت بنفسه وتارة يكون بغير عوض فيتأخر إلى ما بعد انقضاء العدة أو استيفاء العدد فلا يملك تغييره بتنصيصه لان هذا التنصيص تصرف منه في حكم الشرع لا في ملك نفسه ولأن هذه الألفاظ دون لفظ الصريح حتى أنها لا تعمل الا بالنية فإذا كان الصريح الذي هو أقوي لا يزيل الملك بنفسه فهذا أولى وهذه الألفاظ كناية عن الطلاق غير عاملة بحقائق موجباتها فان حقيقة حرمتها عليه أن تكون مؤبدة كحرمة الأمهات ولا يثبت ذلك بشئ من هذه الألفاظ فان ما يثبت بهذه الألفاظ الحرمة التي تثبت بالطلاق فعرفنا انها كناية عن الطلاق وحجتنا في ذلك ايقاع صفة البينونة تصرف من الزوج في ملكه فيكون صحيحا كايقاع أصل الطلاق وبيانه ان الطلاق بالنكاح مملوك للزوج وما صار مملوكا له الا لحاجته إلى التفصي عن عهدة النكاح وذلك بإزالة ملك النكاح وكذلك قبل الدخول إزالة الملك مملوك للزوج وبالدخول يتأكد له ملكه فلا يبطل ما كان ثابتا له بالملك من ولاية الإزالة وكذلك يملك الاعتياض عن إزالة الملك وإنما يملك الاعتياض عما هو مملوك له فثبت ان الإبانة مملوكة له فكان وصفه الطلاق الذي أوقع بالبينونة تصرفا منه في ملك نفسه فيجب إعماله ما أمكن وكان ينبغي على هذا الأصل ان يزول الملك بنفس الطلاق إلا أن حكم الرجعة بعد صريح الطلاق ثبت شرعا بخلاف القياس وما ثبت شرعا بخلاف القياس لا يلحق به ما ليس في معناه وهذا ليس في معنى صريح لفظ الطلاق لأنه يجامع النكاح ألا ترى أنها بعد الرجعة توصف بأنها مطلقة ومنكوحة ولا توصف بأنها مبانة ومنكوحة فإذا لم يكن في معني المنصوص يؤخذ فيه بأصل القياس ولان في قوله أنت طالق يحتمل الطلاق المبين وغير المبين فكان قوله بائنا لتعيين أحد المحتملين كما نقول الناس يكون محتملا للعموم والخصوص وإذا قال الناس كلهم يزول به هذا الاحتمال وكذلك إذا قال بعت يحتمل البيع بالخيار والبيع البات فإذا قال بيعا باتا يزول هذا الاحتمال وهذا بخلاف الهبة فإنها لا توجب الملك لضعفها في نفسها
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست