المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ٧٧
باعتبار معنى العموم لأنه تفويض والتفويض قد يكون عاما وقد يكون خاصا والمفوض إليها بهذا اللفظ طلاق وذلك ثابت في هذا اللفظ لغة والطلاق بمنزلة أسماء الأجناس يحتمل العموم والخصوص فتعمل نيته في العموم ولسنا نقول في قوله ثلاثا انه نصب على التفسير بل هو منصوب بنزع حرف؟ الخافض؟ عنه معناه بثلاث كقوله ما هذا بشرا أو هو منصوب على طريق البدل عن مصدر محذوف ومعناه طلاقا ثلاثا وبأن صح الاستفسار عن العدد في الحكاية فذلك لا يدل على أنه من محتملات اللفظ كما يصح الاستفسار عن الشرط والبدل وأما إذا قال أنت طالق طلاقا فقد روى أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه لا تعمل نية الثلاث فيه لان المصدر يذكر لتأكيد الكلام يقال أكلت أكلا وقمت قياما فلا تسع فيه نية الثلاث ثم ولئن صحت نية الثلاث فلا تصح باعتبار العدد بل باعتبار معنى العموم لان المصدر يحتمل الكثرة قال الله تعالى وادعوا ثبورا كثيرا ولان المصدر يضارع الاسم فكان هذا وقوله أنت طالق الطلاق سواء وتصح نية الثلاث في قوله الطلاق لأنه من أسماء الأجناس محتمل للعموم والخصوص ولان الألف واللام لاستغراق الجنس فيما لا معهود فيه وكذلك قوله أنت الطلاق فمعناه أنت طالق الطلاق حتى تسع فيه نية الثلاث وقد يذكر المصدر ويراد به الفعل يقال إنما هو اقبال وادبار على سبيل النعت للمقبل والمدبر وعلى هذا لو قال أنت الطلاق يقع به الطلاق بمنزلة قوله أنت طالق وذكر ابن سماعة رحمه الله تعالى أن الكسائي رحمه الله تعالى بعث إلى محمد رحمه الله تعالى بفتوى فدفعها إلي فقرأتها عليه ما قول القاضي الامام فيمن يقول لامرأته فان ترفقي يا هند فالرفق أيمن * وان تخرقي يا هند فالخرق أشأم فأنت طلاق والطلاق عزيمة * ثلاث ومن يخرق أعق وأظلم كم يقع عليها، فكتب في جوابه ان قال ثلاث مرفوعا تقع واحدة وان قال ثلاث منصوبا يقع ثلاث لأنه إذا ذكره مرفوعا كان ابتداء فيبقى قوله أنت طالق فتقع واحدة وان قال ثلاثا منصوب على معنى البدل أول على التفسير يقع به ثلاث (قال) ولو قال لامرأته سرحتك أو فارقتك ولم ينو الطلاق لم يقع شئ عندنا وعند الشافعي رضي الله عنه يقع الطلاق وهما صريح عنده لان كتاب الله تعالى ورد بهما في قوله تعالى وسرحوهن ولكنا نقول الصريح ما يكون مختصا بالإضافة إلى النساء فلا يستعمل في غير النكاح وهذا لا يوجد في هذين اللفظين
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست