المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ١٢٥
أنت طالق أكثر العدد وان نوى واحدة فهي واحدة بائنة لأنه إنما أراد به الوصف بعظم التطليقة وذلك بأن يشتد حكمها وكذلك إن لم تكن له نية لان في وقوع الواحدة يقينا وفيما زاد عليه شكا وان نوى اثنتين فهي واحدة بائنة لأنه نوى مجرد العدد وذلك لا يسع في هذا اللفظ وان قال واحدة تملأ الدار فهي واحدة بائنة ولا تسع نية الثلاث هنا لأنه صرح بالواحدة فيبقى معنى الوصف بالعظم فتكون بائنة وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى انها تكون رجعية لأنه وصف الطلاق بما لا يوصف به فكأن لاغيا في وصفه كما لو قال تطليقة تصيح أو تطير كان هذا الوصف لغوا ثم المذهب عند أبي يوسف رحمه الله تعالى انه متى صرح بلفظ العظم يكون الواقع بائنا سواء شبهها بعظيم أو صغير حتى إذا قال عظم الجبل أو عظم رأس الإبرة أو الخردلة تكون بائنة وإن لم توصف بالعظم ولكن قال مثل الجبل أو مثل رأس الإبرة تكون رجعية وعند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى تكون بائنا وقال زفر رحمه الله تعالى إذا شبه التطليقة بما يكون عظيما عند الناس كالجبل تقع بائنة وإذا شبهها بما يكون حقيرا كالخردلة تكون رجعية وإذا قال أنت طالق واحدة عظيمة أو كبيرة أو شديدة أو طويلة أو عريضة فوصفها بشئ يشددها به فهي بائنة في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى لما بينا ان مراده معني الشدة عليها في حكمها وذلك في البائن لأنه لا ينفرد بالتدارك بخلاف الرجعي وان قال أنت طالق إلى الصين فهي واحدة رجعية لأنه لم يصفها بعظم ولا كبر إنما مدها إلى مكان والطلاق لا يحتمل ذلك نفسه ولا حكمه ولأنه بهذا اللفظ قصر حكم الطلاق لأنها إذا وقعت تكون واقعة من المشرق إلى المغرب فلا يثبت بهذا اللفظ زيادة شدة ولو قال أنت طالق إلى الشتاء فهي طالق واحدة رجعية بعد الاجل كما في قوله إلى شهر وكذلك لو قال إلى الصيف ومعرفة دخول الشتاء بلبس أكثر الناس الفرو والثوب المحشو في ذلك الموضع ودخول الصيف بالقاء أكثر الناس ذلك حتى يتعجب ممن يرى عليه بعد ذلك والربيع في آخر الشتاء قبل دخول الصيف إذا كان الناس بين لابس للمحشو وغير لابس لا يعيب بعضهم على بعض وكذلك الخريف في آخر الصيف قبل دخول الشتاء بهذه الصفة وقيل الربيع إذا نبت العشب والصيف إذا احترق العشب وجف والخريف إذا أخذ الناس في التأهب للشتاء والشتاء إذا اشتد البرد في كل موضع (قال) ولو قال أنت طالق واحدة لا بل اثنتين فهي طالق ثلاثا إن كان دخل بها لان كلمة لا بل لاستدراك الغلط بإقامة الثاني
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست