المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ١٣٦
قول زفر رحمه الله تعالى لأنه جعل الأولى والثالثة غاية والغاية حد فلا تدخل في المحدود كقوله بعت منك من هذا الحائط إلى هذا الحائط فيكون الواقع ما بين الغايتين وهي الواحدة وفى الاستحسان وهو قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى تطلق ثلاثا لان الحد إنما يكون في ذوي المساحات فاما في عرف اللسان إنما يراد بمثل هذا الكلام دخول الكل فان الرجل يقول خذ من مالي من درهم إلى عشرة فيكون له أخذ العشرة ويقول كل من الملح إلى الحلو فيكون المراد تعميم الاذن ومطلق الكلام محمول على عرف أهل اللسان وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول القياس ما قاله زفر ان الحد غير المحدود ولكن في ادخال الأولى ضرورة لأنه أوقع الثانية ولا ثانية قبل الأولى ولابد للكلام من ابتداء فإذا لم يوقع الأولى تصير الثانية ابتداء فلا يمكن ايقاعها أيضا فلأجل الضرورة أدخلت الغاية الأولى ولا ضرورة في الغاية الثانية فأخذت فيها بالقياس وقلت تطلق اثنتين وهذا لان الغاية التي ينتهى الكلام إليها قد لا تدخل كالليل في قوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل وقد تدخل كالمرافق والكعبين في الوضوء والطلاق بالشك لا يقع فان قال أردت واحدة لا يدين في القضاء وهو يدين فيما بينه وبين الله تعالى لاحتمال الكلام ما نوى وان قال أنت طالق ما بين واحدة إلى أخرى ففي قياس قول زفر لا يقع شئ وفى قول أبي حنيفة تطلق واحدة وعندهما تطلق اثنتين وان قال من واحدة إلى واحدة قيل هو على الخلاف وقيل تقع واحدة عندهم جميعا لان الشئ لا يكون غاية نفسه فكان قوله إلى واحدة لغوا وان قال أنت طالق واحدة أو لا شئ فهي طالق تطليقة رجعية في قول أبى يوسف رحمه الله تعالى الأول وهو قول محمد رحمه الله تعالى ثم رجع أبو يوسف رحمه الله تعالى وقال لا يقع شئ وكذلك لو قال أنت طالق ثلاثا أو لا شئ فهو على هذا الخلاف وجه قوله الأول ان حرف أو لاثبات أحد المذكورين فيما يتخللهما وإنما يتخلل هنا قوله واحدة أو لا شئ وقوله ثلاثا أو لا شئ فيسقط اعتبار هذا اللفظ ويبقى قوله أنت طالق فيقع به تطليقة رجعية وجه قوله الاخر ان حرف أو للتخيير لان موجبه اثبات أحد المذكورين فقد خير نفسه بين أن يقع عليها واحدة أو لا يقع عليها شئ وأحدهما موجود فلا يثبت بهذا الكلام شئ كما لو جمع بين امرأته وأجنبية وقال هذه طالق أو هذه لم يقع شئ وهذا لان الكلام إذا اقترن به ذكر العدد كان العامل هو العدد لا قوله أنت طالق وقد خرج ذكر العدد من أن يكون عزيمة
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست