المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ٨
بايقاع الطلاق في الحيض على غير المدخول بها لأنه ليس فيه معنى تطويل العدة عليها ولان رغبته فيها كانت بالنكاح فلا يقبل ذلك بحيضها ما لم يحصل مقصوده منها فكان الايقاع دليل عدم موافقة الأخلاق بخلاف المدخول بها فان مقصوده بالنكاح قد حصل منها وإنما رغبته فيها في الطهر بعد ذلك لتمكنه فيه من غشيانها وينعدم ذلك بالحيض توضيحه ان إباحة الايقاع بشرط ان يأمن الندم كما قال الله تعالى لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا وفى الايقاع في حالة الحيض على المدخول بها لا يأمن الندم إذا جاء زمان الطهر والرغبة فيها وكذلك في الايقاع في طهر قد جامعها فيه لا يأمن الندم لأنه ربما يظهر بها حبل فتحمله شفقته على الولد على تحمل سوء خلقها والى نحوه أشار ابن مسعود رضي الله عنه فقال لعل شفقة الولد تندمه فلهذا كره الايقاع في هذين الوقتين وإذا أراد أن يطلقها ثلاثا طلقها واحدة إذا طهرت من الحيض واختار بعض مشايخنا رحمهم الله تعالى تأخير الايقاع إلى آخر الطهر ليكون أبعد عن تطويل العدة وظاهر ما يقول في الكتاب يدل على أنه يطلقها حين تطهر من الحيض لأنه لو أخر الايقاع ربما يجامعها ومن قصده انه يطلقها فيبتلى بالايقاع عقيب الجماع وذلك مكروه فلهذا طلقها حين تطهر من حيضها فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى واحتسب بهذه الحيضة من عدتها فإذا حاضت الثالثة وطهرت طلقها أخرى وقد بقي عليها من عدتها حيضة وللشافعي رحمه الله تعالى قول أن ابتداء العدة من آخر التطليقات إذا تكرر الايقاع لان الطلاق بعد الدخول موجب للعدة كالحدث بعد الطهارة موجب للوضوء فكما أنه إذا أحدث بعد غسل بعض الأعضاء يلزمه استئناف الوضوء فكذلك إذا تكرر وقوع الطلاق عليها يلزمها استئناف العدة ولكنا نقول السبب الموجب للعدة الدخول وإنما تصير شارعة في العدة حين يصير الزوج غير مريد لها وقد حصل ذلك بالتطليقة الأولى ثم الثانية والثالثة تقرر ذلك المعنى ولا تبطله بخلاف ما لو راجعها ثم طلقها لان بالرجعة ينعدم ذلك المعنى فإنه يصير مريدا لها توضيحه أن المقصود تبين فراغ الرحم وذلك لا يتغير بتكرر الطلاق وعدم التكرر فلهذا كانت عدتها من التطليقة الأولى وعلى هذا اتفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم (قال) ولا تحل له المرأة بعدما وقع عليها ثلاث تطليقات حتى تنكح زوجا غيره يدخل بها والطلاق محصور بعدد الثلاث ولا خلاف بين العلماء أن بيان التطليقتين في قوله تعالى الطلاق مرتان وإنما اختلفوا
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست