المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ٦
فلا سبيل لك عليها أو كراهة ايقاع الثلاث لما فيه من سد باب التلافي من غير حاجة وذلك غير موجود في حق العجلاني لان باب التلافي بين المتلاعنين منسد ما داما مصرين على اللعان والعجلاني كان مصرا على اللعان ولنا اجماع الصحابة رضى الله تعالى عنهم فقد روى عن علي وعمر وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبي هريرة وعمران بن حصين رضى الله تعالى عنهم كراهة ايقاع الطلاق الثلاث بألفاظ مختلفة وعن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال لو أن الناس طلقوا نساءهم كما أمروا لما فارق الرجل امرأته وله إليها حاجة ان أحدكم يذهب فيطلق امرأته ثلاثا ثم يقعد فيعصر عينيه مهلا مهلا بارك الله عليكم فيكم كتاب الله وسنة رسوله فماذا بعد كتاب الله وسنة رسوله الا الضلال ورب الكعبة وقال الكرخي لا أعرف بين أهل العلم خلافا ان ايقاع الثلاث جملة مكروه الا قول ابن سيرين وان قوله ليس بحجة ويتبين بهذا أن عبد الرحمن بن عوف رضى الله تعالى عنه إنما طلق امرأته ثلاثا في ثلاثة أطهار وأن الحسن رضى الله تعالى عنه إنما قال لشهباء أنت طالق ثلاثا للسنة وعندنا لا بأس به والمعنى فيه أنه تحريم البضع بمجرد قوله من غير حاجة فيكون مكروها كالظهار بل أولى فان الظهار تحريم البضع بمجرد قوله من غير إزالة الملك وفى ايقاع الثلاث تحريم البضع مع إزالة الملك والفقه فيه ما بينا أن إباحة الايقاع للحاجة إلى التفصي عن عهدة النكاح عند عدم موافقة الأخلاق وذلك يحصل بالواحدة ولا يحصل بها تحريم البضع فلا تتحقق الحاجة إلى ما يكون محرما للبضع فكان ينبغي أن لا يباح أصلا ولكن أبيح عند اختلاف الأطهار لتجدد الحاجة حكما على ما قررنا ولان في ايقاع الثلاث قطع باب التلافي وتفويت التدارك عند الندم وفيه معنى معارضة الشرع فالاسقاطات في الأصل لا تتعدد كالعتاق وغيره وإنما جعل الشرع الطلاق متعددا لمعنى التدارك عند الندم فلا يحل له تفويت هذا المعنى في نفسه بعدما نظر الشرع له كما لا يباح له الايقاع في حالة الحيض لأنه حالة نفرة الطبع عنها وكونه ممنوعا شرعا فالظاهر أنه يندم إذا جاء زمان الطهر فيكره ايقاع الطلاق لمعني خوف الندم فهذا مثله والدليل عليه أنه لو طلقها واحدة في الطهر ثم أخرى في الحيض يكون مكروها وليس في ايقاع الثانية في الحيض معنى تطويل العدة ولا معني اشتباه أمر العدة عليها فدل أن معنى كراهة الايقاع لمعنى خوف الندم إذا جاء زمان الطهر وهذا في ايقاع الثلاث أظهر فكان مكروها ويستوى في هذا المدخول بها
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست