المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ٢٢٠
فيبقى خيارها في الغد على حاله بخلاف ما لو قال اختاري اليوم وغدا فردت اليوم أو اختارت زوجها فلا خيار لها في الغد لأنه عطف الغد على اليوم والعطف للاشراك فاقتضى ذلك امتداد الخيار إلى مضى الغد لا تجديد الخيار المضاف وإذا كان الخيار واحدا وقد بطل ذلك بردها فلا خيار لها بعد ذلك فأما إذا قال واختاري غدا فهو خيار آخر أوجبه لها في الغد لأنه ذكر للغد خبرا فلا يجعل الخبر الأول خبرا له وان اختارت اليوم نفسها فبانت فلا خيار لها في الغد لأنها قد ملكت أمر نفسها باختيارها نفسها وذلك ينفي الخيار المضاف كما ينفى الخيار المنجز ولان الخيار المضاف إلى الغد لا يتضمن تطليقة أخرى لان التطليقة التي في ضمن الخيار المنجز تحتمل الإضافة إلى الغد ما لم تقع فإذا وقعت باختيارها نفسها في اليوم لم يبق حتى تختار نفسها في الغد بها (قال) وان قال اختاري غدا الطلاق فقالت اليوم اخترت غدا الطلاق أو قالت قد اخترت الزوج فاختيارها اليوم باطل ولها الاختيار غدا لان الزوج أضاف التخيير إلى وقت منتظر فلا يثبت لها الخيار قبل مجئ ذلك الوقت واختيارها قبل أن يثبت لها الخيار لغو وان قالت في الغد قد اخترت زوجي لا بل نفسي كانت امرأته ولا خيار لها لان بقولها قد اخترت زوجي بطل خيارها فبقولها لا بل نفسي اختارت نفسها بعدما بطل خيارها وان قالت اخترت نفسي لا بل زوجي بانت بقولها اخترت نفسي فلا ترفع البينونة بقولها لا بل زوجي بعد ذلك (قال) وان قال إن شئت فأنت طالق واختاري فقالت قد اخترت نفسي وشئت الطلاق كانت طالقا اثنتين لان قولها قد اخترت نفسي جواب التخيير وقولها شئت الطلاق ايجاد للشرط في طلاق المشيئة والصريح يلحق البائن ولا يكون قولها اخترت نفسي عملا هو ضد مشيئة الطلاق بل هذا من جنس مشيئة الطلاق فلا يخرج به طلاق المشيئة من يدها وكذلك لو قال اختاري ان هويت أو أحببت أو أردت فقالت قد اخترت نفسي وقعت تطليقة بائنة لوجود الشرط باختيارها نفسها فقد هويت ذلك وأحبت وأرادت حين اختارت نفسها (قال) ولو قال اختاري من ثلاث تطليقات ما شئت فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله لا تملك ان تختار بهذا اللفظ الا واحدة أو اثنتين وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى تملك ان تختار الثلاث بهذا اللفظ لان كلمة ما للتعميم ومن قد تكون للتبعيض وقد تكون للتمييز كما يقال سيف من حديد وهو معني قوله تعالى فاجتنبوا الرجس من الأوثان وقد تكون صلة كما في قوله تعالى يغفر لكم من ذنوبكم وقوله تعالى ما اتخذ الله
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»
الفهرست