المبسوط - السرخسي - ج ٦ - الصفحة ٢١٥
نفسي لا يقبل قولها وهذا هو الصحيح لان اشتغالها بكلام مبهم دليل الاعراض والتهاون وان قال لها اختاري نفسك فقالت قد اخترت فهذا جواب وهي طالق لان جوابها بناء على خطاب الزوج فما تقدم في الخطاب يصير كالمعاد في الجواب فكأنها قالت اخترت نفسي وإذا خيرها بعد ذكر الطلاق فاختارت نفسها ثم قال لم أنو به الطلاق لم يصدق في القضاء وكذلك أن قال هذا في غضب وقد بينا هذا في فصول الكنايات وكما لا يصدقه القاضي فكذلك لا يسع المرأة ان تقيم معه الا بنكاح مستقبل وإذا قال لها اختاري ثم طلقها واحدة بائنة بطل الخيار لأنها صارت مالكة أمر نفسها بما أوقع عليها وإنما كانت تختار أمر نفسها لهذا المقصود فلا يتحقق ذلك بعدما ملكت أمر نفسها وكذلك لو قال أنت طالق واحدة بائنة إن شئت فقالت قد شئت سقط الخيار لأنها ملكت أمر نفسها ولو كان الطلاق رجعيا كان الخيار على حاله لأنها بهذا الطلاق لا تصير مالكة أمر نفسها وكذلك هذا في الامر باليد وذكر في الأمالي انه إذا قال لها اختاري إذا شئت أو امرك بيدك إذا شئت ثم طلقها واحدة بائنة ثم تزوجها فاختارت نفسها انها لا تطلق في قول أبى يوسف رحمه الله لان الزوج أوقع بنفسه ما فوض إليها فيكون ذلك اخراجا للامر من يدها وفى قول أبي حنيفة رحمه الله تطلق تطليقة بائنة لان التفويض قد صح فلا يبطل بزوال الملك الا انها بعد زوال الملك كانت لا تتمكن من الاختيار لكونها مالكة أمر نفسها فإذا زال ذلك بالعقد فهي على خيارها وما قاله أبو يوسف رحمه الله ضعيف لان الطلاق متعدد فلا يتعين ما أوقعه الزوج لما فوضه إليها كما لو قال لغيره بع قفيزا من هذه الصبرة ثم باع بنفسه قفيزا لا ينعزل الوكيل (قال) وإذا قال لها اختاري الأزواج أو اختاري أهلك أو أبويك فقالت قد اخترت الأزواج أو أبى أو أهلي وقد عني الزوج الطلاق في القياس لا تطلق لأنها ما اختارت نفسها وقد كان القياس في أصل هذا اللفظ أن لا يقع به شئ تركنا القياس لآثار الصحابة رضي الله عنه م وإنما ورد الأثر في اختيارها نفسها فما سوى ذلك يبقي على أصل القياس ولكنه استحسن فقال هي طالق لان هذا في معنى اختيارها نفسها فإنها إنما تختار الأزواج إذا ملكت أمر نفسها وإنما تتمكن من الرجوع إلى بيت أبيها وأهلها إذا ملكت أمر نفسها فكان هذا في معنى اختيارها بخلاف ما لو قال اختاري أختك أو أخاك أو ذا رحم محرم منك فاختارت ذلك وهو ينوى الطلاق فان هذا ليس في معنى اختيارها نفسها من كل وجه فيؤخذ فيه بالقياس
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست