المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ١٢٩
ولا يحل للعبد ان يتسرى وان أذن له مولاه عندنا وعلى قول مالك رحمه الله تعالى يحل لان ملك المتعة يثبت بطريقين اما عقد النكاح أو التسري فإذا كان العبد أهلا لملك المتعة بأحد الطريقين وهو النكاح فكذلك بالطريق الآخر بل أولى لان ملك المتعة الذي يثبت بالنكاح أقوى مما يثبت بملك اليمين وحجتنا في ذلك قوله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم وهذه ليست بزوجة له ولا مملوكة له وعن ابن عمر رضي الله عنه قال لا يحل فرج مملوكة الا لمن إذا أعتق أو وهب جاز والعبد لا يجوز عتقه ولا هبته فلا يحل الفرج له بملك اليمين وهذا لان العبد مملوك مالا فلا يجوز أن يكون مالكا للمال لما بين المالكية والمملوكية من المنافاة وملك المتعة لا يثبت الا بثبوت سببه فإذا كان سببه وهو ملك الرقبة لا يثبت في حق العبد فكذلك حكمه بخلاف النكاح ولان العبد ليس باهل لملك المال قبل اذن المولى ولا تأثير للاذن في جعل من ليس بأهل أهلا وإنما تأثير اذن المولى في اسقاط حقه عند قيام أهلية العبد فكان ينبغي أن لا يجعل العبد أهلا لملك المتعة أصلا لان بين المالكية والمملوكية منافاة ولكن الشرع جعله أهلا لملك المتعة بسبب النكاح لضرورة حاجته إلى قضاء الشهوة وابقاء النسل وهذه الضرورة ترتفع بثبوت الحل له بالنكاح فلا حاجة هنا إلى أن نجعله أهلا لملك المتعة بسبب ملك الرقبة وكذلك المدبر والمكاتب والمستسعي في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى كالمكاتب (قال) ولو أن عبدا بين رجلين زوجه أحدهما بغير إذن الآخر لم يجز لما بينا ان ولاية النكاح إنما تستفاد بملك رقبة العبد وكل واحد منهما غير مالك لما يسمى عبدا (قال) ولا يحل للعبد ان يتزوج مولاته ولا امرأة لها في رقبته شقص عندنا وعلى قول نفاة القياس رضى اله عنهم يجوز وكذلك الحر إذا تزوج أمته أو أمة له فيها شقص فهو على هذا الخلاف واستدلوا بظاهر قوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء وبقوله فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات وحجتنا في ذلك قوله تعالى وانكحوا الأيامى منكم الآية فإنما خاطب الله تعالى الموالي بانكاح الإماء لا بنكاحهن ولان العبد إذا تزوج بمولاته فهي تستوجب عليه النفقة بالنكاح وهو يستوجب عليها النفقة بملك اليمين فيتقاصان ويموتان جوعا وفي هذا من الفساد مالا يخفى والحر إذا تزوج أمته فهذا العقد غير مفيد لان موجب النكاح ملك الحل ومحل الحل ثابت له تبعا لملك الرقبة ولان النكاح إنما شرع في الأصل لضرورة الحاجة إليه وعند ملكه رقبتها لا حاجة فلم يكن
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست