المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ١٣٣
الرضاع في جانب النساء قلنا من الاحكام ما يثبت بالقرآن ومنها ما يثبت بالسنة فحرمة الرضاع في جانب الرجل مما يثبت بالسنة والمعنى الذي لأجله تثبت الحرمة بسبب الرضاع لا يوجد في ارضاع الرجل فان ما نزل في ثندؤته لا يغذى الصبي فلا يحصل به انبات اللحم فهذا نظير وطئ الميتة في أنه لا يوجب الحرمة (قال) ولا ينبغي للرجل أن يتزوج امرأة ابنه من الرضاعة ولا امرأة أبيه من الرضاعة وكذلك أجداده ونوافله وهو نظير الحرمة الثابتة بالنسب وعلى هذا الأخوات من الرضاعة اما إذا أرضعت امرأة واحدة ثنتان فهما أختان فإن كان زوجها واحدا فهما أختان لأب وأم من الرضاعة وإن كان زوجها مختلفا عند الارضاعين فهما أختان لام وإن كان تحت الرجل امرأتان لكل واحدة لبن منه فأرضعت كل واحدة منهما صبية فهما أختان لأب من الرضاعة لان لبنهما من رجل واحد وعموم قوله تعالى وأخواتكم من الرضاعة يتناول ذلك كله وكذلك بنات الأخ من الرضاع كبنات لأخ من النسب ألا ترى أنه لما عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت أبي سلمة رضى الله تعالى عنها قال لو لم تكن ربيبتي في حجري ما كانت تحل لي أرضعتني وأباها ثويبة فقال علي رضى الله تعالى عنه يا رسول الله انك ترغب في قريش وترغب عنا فقال هل فيكم شئ قال نعم ابنة حمزة رضى الله تعالى عنه فقال صلى الله عليه وسلم انها ابنة أخي من الرضاعة (قال) وإذا كان للمرأة لبن وطلقها زوجها وتزوجت آخر فحبلت من الآخر ونزل لها اللبن فاللبن من الأول حتى تلد في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى فإذا ولدت فاللبن بعد ذلك يكون من الثاني وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى إذا عرف أن هذا اللبن من الحبل الثاني فهو من الآخر وقد انقطع اللبن الأول وعنه في رواية إذا حبلت من الثاني انقطع حكم لبن الأول وقال محمد رحمه الله تعالى أستحسن أن يكون منهما جميعا حتى تضع من الآخر وجه قوله ان ما كان بها من اللبن فهو من الأول وما ازداد بسبب الحبل فهو من الثاني وباب الحرمة مبنى على الاحتياط فتثبت الحرمة منهما جميعا كما إذا حلب لبن امرأتين في قارورة وأوجر صبيا فإذا وضعت من الثاني فقد انتسخ سبب لبن الأول باعتراض مثله عليه فلهذا كان اللبن من الثاني بعده وأبو يوسف يقول اللبن ينزل تارة بعد الولادة وتارة بعد الحبل قبل الولادة فإذا عرف نزول اللبن من الثاني انتسخ به حكم اللبن من الأول كما ينتسخ بالولادة من الثاني وعلى الرواية الأخرى يقول لما كان الحبل سببا لنزول اللبن وحقيقة نزول اللبن من الثاني باطل فيقام السبب
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست