المبسوط - السرخسي - ج ٥ - الصفحة ١٢٨
وعلى هدا لو تزوجها نكاحا صحيحا بعد هذا يجوز عندهما لان حكم اذن المولى ما انتهى بالعقد الفاسد فيكون مباشرا العقد الثاني باذنه وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يصح العقد الثاني لان حكم اذن المولى انتهى بالعقد الأول فيحتاج في العقد الثاني إلى اذن جديد (قال) وإذا تزوج العبد بغير إذن مولاه ودخل بها ثم أجاز المولى ذلك النكاح فعليه مهر واحد وهو الذي سماه لها استحسانا لان الإجازة في الانتهاء كالاذن في الابتداء وفي القياس عليه مهران مهر المثل بالدخول والمسمي بنفوذ العقد بالإجازة وقد بينا نظير هذا في جانب الأمة فهو كذلك في العبد وعلى هذا لو أعتقه المولى حتى نفذ العقد بعد عتقه (قال) وإذا تزوج المكاتب بغير إذن السيد أو العبد أو المدبر ودخل بها ثم فرق بينهما السيد فلا مهر عليه حتى يعتق لان النكاح في حق المكاتب ليس من عقود التجارة ولا من اكتساب المال والمهر عند الدخول إنما يجب بسبب ذلك العقد فإذا لم يكن عقد الكتابة متنا ولا لذلك العقد يتأخر المال الواجب بسببه إلى ما بعد العتق وهذا بخلاف جناية المكاتب فان موجبه في كسبه يثبت في الحال لان وجوب ذلك باعتبار الفعل والرق لا يؤثر في الحجر عن الأفعال وأما وجوب المهر هنا باعتبار العقد لان الدخول بدون العقد غير موجب للمهر ولأنها راضية بهذا الدخول فلهذا يتأخر الواجب إلى ما بعد العتق بمنزلة المال الواجب عليه بسبب الكفالة (قال) وإذا زوج الرجل عبده أمته بشهود فهو جائز ولا مهر لها عليه لان المهر لو وجب كان للمولى وإنما يجب في مالية العبد وماليته مملوكة للمولى فلا فائدة في وجوبه أصلا وقد بينا ان على طريق بعض أصحابنا يجب ابتداء لحق الشرع ثم يسقط لقيام ملك المولى في رقبة الزوج فإن كان العبد نصرانيا أذن له مولاه في التزوج فأقامت عليه امرأة نصرانية شاهدين من النصارى انه تزوجها وهو جاحد أجزت ذلك عليه لان الخصم هو العبد الا ترى أنه لو أقر بهذا النكاح ثبت باقراره فكذلك يثبت بشهادة النصارى عليه لأنه نصراني الا ترى أنهم لو شهدوا عليه ببيع أو شراء وهو مأذون له في التجارة كانت الشهادة مقبولة فكذلك بالنكاح فان قيل النكاح مملوك للمولى على العبد فهذه الشهادة إنما تقوم على المولى وهو مسلم قلنا أصل العقد مملوك للمولى عليه ولكن حكمه وهو ملك الحل يثبت للعبد والشهود إنما يشهدون لها بذلك على العبد فلهذا اعتبرنا فيه دين العبد وقلنا لو كان المولى كافرا والعبد مسلما لم تجز شهادتهما لأنها تقوم على العبد وهو مسلم وشهادة الكافر ليس بحجة على المسلم (قال)
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست