مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ٤٠٥
فيه البيع إذا لم يقصد إليه ويمضي فيه اجتهاد الوصي والوكيل وأشباههما. ثم قال ابن عرفة:
وظاهر قول أبي عمران قدر الغبن في بيع الوصي والوكيل كقدره في بيع من باع ملك نفسه.
وكان بعض من لقيناه ينكر ذلك ويقول: غبن الوصي والوكيل ما نقص عن القيمة نقصا بينا وإن لم يبلغ الثلث وهو صواب، لأنه مقتضى الرواية في المدونة وغيرها كقولها: إذا باع الوكيل أو ابتاع بما لا يشبه من الثمن لم يلزمك.
السادس: إذا قلنا بالقيام بالغبن في مسألة بيع الوصي والوكيل وغيره، فهل للقائم نقض البيع أو المطالبة. بتكميل الثمن؟ وكيف لو تصرف المبتاع في ذلك ببيع؟ سئل ابن رشد عن يتيم باع عليه وصيه حصته من عقار بموجب بيعه لشريكه فكمل للشريك جميع العقار، ثم باع الشريك نصف جميع العقار ثم رشد اليتيم فأثبت أن عقاره يوم بيعه يساوي أمثال ثمنه، فأراد نقض بيعه بذلك في جميع ما بيع عليه والشفعة ممن باع منه شريكه. فأفتى بأن له نقض البيع فيما هو قائم بيد المبتاع من الوصي وهو نصف حصته لا فيما باعه المبتاع من ذلك فإنه يمضي، وله فيه فضل قيمته على ثمنه يوم بيعه لفوته بالبيع لأنه بيع جائز فيه غبن على من بيع عليه يرد ما دام قائما على اختلاف فيه، فقد قيل للمبتاع أن يوفي تمام القيمة ولا يرد البيع وإن لم يفت، وقيل يمضي له بقدر الثمن من قيمته يوم البيع، وهذه الأقوال قائمة من العتبية لابن القاسم وسحنون في سماعه من أبي زيد، ولها في المدونة نظائر.
والنصف المردود على اليتيم حصته إنما ترجع إليه بملك مستأنف لا على الملك الأول، فلا شفعة له على المبتاع الثاني، لا في بقية حصته ولا فيما ابتاعه من شركاء اليتيم، ولا له على اليتيم شفعة في الحصة المردودة إذ ليس ببيع محض لأن البيع المحض ما تواطأ عليه المتبايعان، والمأخوذ منه الحصة هنا مغلوب على إخراجها من يده فهو بيع في حق اليتيم " لاخذه له باختياره، ونقض بيع في حق المشتري الأول لأنه مغلوب على ذلك. والقول بأن بيع الغبن يفيته البيع واضح، لأنه إذا فات البيع الفاسد وقد قيل إنه ليس ببيع فأحرى بيع الغبن لأنه لا ينتقض إلا باختيار أحدهما، والبيع الفاسد ينتقض جبرا، وهذه مثل مسألة المدونة في بيع المرابحة فيمن أخطأ فباع سلعة مرابحة بأقل من ثمنها فقام على المبتاع قال فيها: له الرجوع في سلعته إن لم تفت، ويفيتها ما يفيت البيع الفاسد، ولا فرق في الغبن عن الأيتام فيما باعه الوصي وبين الغبن على أحد فيما باعه لنفسه فيما يوجبه الحكم في ذلك على القول بوجوب الرجوع بالغبن. انتهى مختصرا باختصار ابن عرفة وإن خالف في بعض الألفاظ.
وتحصل من هذا أن الراجح من الأقوال أن للقائم بالغبن نقض البيع في قيام السلعة، وأما في فواتها فلا نقض، وأن القيام بالغبن يفوت بالبيع والله أعلم.
السابع: في الصحيح أنه (ص) قال للرجل الذي يخدع في البيوع إن بايعت فقل لا خلاية فكان إذا بايع يقول لا خيابة بالياء موضع اللام، وسيأتي الكلام عليه في التنبيه الذي
(٤٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 ... » »»
الفهرست