مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٥ - الصفحة ٧٨
ويفسخ النكاحان لامكان أن يكون وقع عندهما في زمن واحد. الخامسة أن يتحد زمن العقدين يقينا، أما في زمن واحد في مجلس أو مجلسين فقال اللخمي: إن كان عقدهما في مجلس فنكاحهما فاسد لعلم كل واحد منها بعقد الآخر. وقال الغزالي في البسيط: إذ ليس هذا أولى من هذا ولا سبيل إلى الجمع. وتعليل الغزالي أحسن لأنه يشمل ما كان في مجلس واحد أو مجلسين لأن الزمان متحد، وتعليل اللخمي إنما يشمل ما إذا كان المجلس واحدا.
واستفيد من كلام أبي الحسن أنه لا فرق في اتحاد زمن العقدين بين أن يكون ذلك في مجلس واحد أو مجلسين. وظاهر كلامه أيضا أن العقدين تارة بتيقن اتحاد زمانهما كما ذكره في الصورة الخامسة. وتارة يمكن اتفاقهما كما ذكره في الصورة الرابعة، وأن الحكم في ذلك واحد فتأمله والله أعلم.
وأما قوله أو ببينة بعلمه أنه ثان فأشار إلى المسألة الثانية من المسألتين اللتين يفسخ النكاح فيهما بلا طلاق، وقوله لا إن أقر أشار به إلى المسألة الأولى من المسألتين اللتين يفسخ فيهما النكاح بطلاق. والضمير في قوله بعلمه يحتمل أن يعود على كل من الوكيل الثاني والزوج الثاني، ورجوعه إلى الزوج الثاني أقرب لذكر مقابله بقوله لا إن أقر والحكم مع قيام البينة بعلمه أنه ثان الفسخ بغير طلاق كما تقدم. وأما مع عدمها فالحكم فيما إذا أقر الزوج الفسخ بطلاق كما تقدم، وفيما إذا أقر الولي مع عدم تصديقه. قاله في التوضيح وغيره.
والفسخ في هاتين المسألتين قبل الدخول وبعده والفسخ فيهما لنكاح الزوج الثاني فقط من الزوجين والله أعلم. وقوله أو جهل الزمن أي جهل زمن الأول منها، وأشار به إلى المسألة الثانية من المسألتين اللتين يفسخ فيهما النكاح بطلاق والحكم في ذلك فسخ النكاحين معا بطلاق إن أدرك ذلك قبل الدخول، فإن دخل بها أحدهما كان أحق بها. قال اللخمي: وهذا قول مالك. وعلى قول ابن عبد الحكم يكون حكمه حكم من لم يدخل لأنه على شك فقد يكون الأخير فلا يصح له المقام عليها اه‍. ونقله في التوضيح. وقال الرجراجي: فأما إن جهل الأول منهما فلا يخلو من أن يدخل بها أحدهما أو لا يدخل بها واحد منهما، فإن دخل بها أحدهما فالمذهب على قولين: أحدهما أنه أحق بها وهو قول مالك في المدونة. والثاني لا يكون أحق بها وأن الدخول لا تأثير له في ثبوت النكاح لأنه على شك أنه قد يكون هو الأخير فلا يصح له المقام على هذا النكاح وهو قول ابن عبد الحكم، فإن لم يدخل بها واحد منهما فلا خلاف في المذهب أن نكاحهما مفسوخ، وظاهر المذهب في ذلك أن الفسخ بغير طلاق لأنه نكاح فسخ بالغلبة. وقيل: بطلاق وهو المنصوص في المذهب اه‍.
فرع: قال ابن رشد في المقدمات: وإن تزوجها أحدهما بعد زوج كانت عنده على طلقتين، وإن تزوجها أحدهما قبل زوج كانت عنده على ثلاث تطليقات لأنه إن كان هو
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست