مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٥ - الصفحة ٦٠١
المشذالي إثر كلامه المتقدم: قال المتيطي: ذكر ابن العطار في وثائقه في عقد تسليم الام ابنها إلى أبيه. وعلى أن سلمت إليه ابنها منه وأسقطت حضانتها فيه وقطعت أمها فلانة أو أختها فلانة حجتها فيما كان راجعا إليها من حضانتها. وانتقد ذلك ابن الفخار وقال: الصواب أن يقال: ثم قطعت حجتها فيما كان راجعا إليها من حضانتها، فيدل هذا اللفظ أن الجدة قطعت حجتها بعد أن وجب لها ذلك، وأما بالواو التي لا تفيد رتبة فكأنها قطعت حجتها قبل وجوب الحضانة لها فلا يلزمها والله أعلم. قال المشذالي: وتفرقة ابن الفخار بين العاطفين ضعيفة في المعنى فتأمله. ثم قال المتيطي: وهذا أصل مختلف فيه على ما وقع في المدونة في غير كتاب منها انتهى. فعلم من هذا أن الراجح الذي عليه الفتوى في إسقاط الحضانة قبل وجوبها عدم اللزوم، وإن صورة ذلك أن يسقط من له الحضانة بعد الام حضانته قبل وجوبها كالجدة والخالة مثلا وأنه ليس من ذلك إسقاط الام حقها من الحضانة في حال العصمة وإلا لكان حكمها حكم الجدة والخالة ولم يفرق بينهما. وأيضا فلا يمكن أن يقال إن الام لا حضانة لها في حال العصمة لأنها إذا وجبت لها الحضانة بعد الطلاق فأحرى في حالة العصمة. وقد صرح بذلك ابن عرفة فقال لما تكلم على الحضانة ومستحقها: وأبو الولد زوجا لها وفي افتراقهما أصناف الأول الام الخ. ولا أعلم أحدا أجاز للأب أخذ ولده من أمه في حال العصمة، بل ذكر اللخمي في الشروط الناقضة لمقتضى العقد أن يتزوج المرأة على أن لا يكون الولد عندهما، وأنه إن تزوجها على ذلك فسخ النكاح قبل الدخول وصح بعده وسقط الشرط.
وليس المراد ولدها من غيره لأن ذلك لازم صحيح إذا كان للولد من يحضنه كما ذكر ذلك المصنف في أول باب النفقات حيث قال: كولد صغير لأحدهما إن كان له حاضن والله أعلم تنبيه: قال المشذالي إثر كلامه المتقدم: وهذا الخلاف يعني فيمن أسقط حقه من الحضانة قبل وجوبها كالجدة والخالة مثلا إنما هو إذا حضرت الجدة أو الخالة وأشهدت على نفسها بإسقاط ما يرجع إليها من الحضانة، وأما إن لم تشهد على نفسها بذلك ففيه خلاف أيضا. قال المتيطي: الذي عليه العمل وقاله غير واحد من الموثقين إن الام إذا أسقطت حقها في الحضانة بشرط في عقد المبارأة كما ذكرنا أن ذلك يرجع إلى الجدة أو الخالة. وقاله أبو عمران قال:
القياس أن لا يسقط حق الجدة بترك الام. وقال غيره من القرويين: يسقط بذلك حق الجدة والخالة ولا كلام لهما في ذلك انتهى. وقال ابن عرفة: وفي إمضاء نقل ذي حضانة إياها لغيره على من هو أحق بها من المنقول إليه نقل ابن رشد مع أخذه من قولها إن صالحت زوجها على كون الولد عنده جاز وكان أحق به ظاهره، ولو كان له جدة ونقله قائلا: كالشفعاء ليس لمن هو أحق بالشفعة تسليمها لشريك غيره أحق بها منه. اللخمي: إن تزوجت الام أخذته الجدة ثم أحبت أن تسلمه لأخته لأبيه فله منعها لأنه أقعد منها، وإن أمسكته ثم طلقت الام لم يكن له منعها من رده لامه لأنه نقل لما هو أفضل.
(٦٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 595 596 597 598 599 600 601 602 603 604 605 » »»
الفهرست