مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٥ - الصفحة ٥٦٣
فتركه، وأما الذي كان في العروض والحيوان فإنما يرى أنه يمنعه من ذلك بيعه وكتابه عليهم والله أعلم. قال ابن القاسم: وهذا أحسن ما سمعت عنه.
قال ابن رشد: هذه مسألة تتفرع إلى وجوه وقعت مفرقة في مواضع من هذا السماع، وفي رسم باع شاة من سماع عيسى، وفي سماع أبي زيد من كتاب الوصايا ما يعارض بعضها بعضا في الظاهر فكان الشيوخ يحملون ذلك على أنه اختلاف من القول. وقوله: إنه لا اختلاف في شئ مما وقع من ذلك في هذه الروايات كلها. وبيان ذلك أن مال الابن لا يخلو من أربعة أحوال: أحدها أن يكون عينا قائما في يد الأب، والثاني أن يكون عرضا قائما بيده، والثالث أن يكون قد استهلكه وحصل في ذمته، والرابع أن يكون لم يصل بعد إلى يده. فأما إن كان عينا قائما في يده وألفى على حاله في تركته فلا يخلو من أن يكون كتب النفقة عليه أو لم يكتب، فإن كان كتبها عليه لم تؤخذ من ماله إلا أن يوصي بماله وهو دليل قوله في هذه الرواية إذا لم يفعل ذلك عند موته، وإن كان لم يكتبها عليه لم تؤخذ من ماله وإن أوصى بذلك. قاله ابن القاسم في سماع أبي زيد من كتاب الوصايا. وإما إن كان المال عرضا بعينه ألفي في تركته، فلا يخلو أيضا من أن يكون كتب النفقة عليه أو لم يكتبها، فإن كان كتبها حوسب بها الابن وإن أوصى الأب أن لا يحاسب بها وهو ظاهر ما في هذه الرواية. ووجه ذلك أنه لما كتبها عليه دل على أنه لم يرد أن يتطوع بها فوصيته أن لا يحاسب بها وصية لوارث. وهو قول أصبغ في الواضحة أن المال إذا كان عرضا لم تجز وصية الأب أن لا يحاسب بها، ومثله لابن القاسم في المدونة.
وإن كان لم يكتبها عليه حوسب بها إلا أن يكون أوصى الأب أن لا يحاسب بها فتنفذ وصيته، وهذا قول ابن القاسم في رسم باع شاة من سماع عيسى. وأما الحالة الثالثة وهي أن يكون الأب قد استهلك المال وحصل في ذمته فإن الابن يحاسب بذلك كتبها، الأب عليه أو لم يكتبها. وهو قول مالك في رسم الشجرة بعد هذا إلا أن يكون كتب لابنه بذلك ذكر حق أشهد له به فلا يحاسب بما أنفق عليه. قال ذلك مالك في رواية زياد بن جعفر عنه وهو تفسير لما في الكتاب. وأما الحالة الرابعة وهو أن لا يكون قبض المال ولا كان بيده بعد، فسواء كان عينا أو عرضا، هو بمنزلة إذا كان عرضا بيده، وقد مضى الحكم في ذلك. وما في رسم سلعة سماها ورسم كتب عليه ذكر حق، يحتمل أن يكون تكلم فيها على أن المال لم يصل إلى يده، أو على أنه قد أخذه واستهلكه، وقد مضى الكلام على حكم الوجهين. ولا فرق بين موت الأب وموت الابن فيما يجب من محاسبته بما أنفق عليه أبوه وبالله التوفيق اه‍. وانظر النوادر في كتاب الوصايا الخامس. قال ابن سلمون: إن كان المنفق وصيا من أب أو قاض فله الرجوع فيما أنفق في مال الصبي دون يمين ولا إثبات لأنهم مأمورون بالانفاق. وقيل: عليه اليمين. وإن كان غير وصي فلا بد من إثبات حضانته له وكفالته ويمينه بعد ذلك ولا يحتاج
(٥٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 558 559 560 561 562 563 564 565 566 567 568 ... » »»
الفهرست