مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٥ - الصفحة ٤٥١
الثالث ظاهر المذهب ذكره فيما أصبح مفطرا بعد تسعة وخمسين معتقدا الاتمام. وقوله:
ويقضيه أي وإذا فرعنا على عدم القطع وهو ظاهر. انتهى كلامه برمته.
واعلم أن هنا شيئين: أحدهما الفطر ناسيا، والثاني تفرقة صوم الظهار نسيانا كما إذا صام بعض الصوم ثم نسي التتابع فأفطر يوما أو يومين أو أكثر ثم ذكر أنه لم يكمل الصيام، وكمن أفطر لعذر ثم لم يصل القضاء نسيانا، والذي قال فيه صاحب البيان يبطل التتابع على المشهور هو الثاني لا الأول، يظهر لك ذلك بكلامه. وهذه المسألة في سماع سحنون وعزاه ابن عرفة لسماع يحيى ولم أرها إلا في سماع سحنون من كتاب الظهار، ولم ينقلها الشيخ أبو محمد بن أبي زيد في نوادره إلا عن سحنون، وسماع يحيى ليس فيه إلا مسألة واحدة فلعل ذلك وقع في نسخة الشيخ ابن عرفة. ونص كلامه في كتاب الظهار: التتابع في كفارة القتل والظهار فرض بنص التنزيل فلا يعذر أحد في تفرقتهما بالنسيان على المشهور في المذهب، وإنما يعذر في ذلك بالمرض أو الحيض إن كان امرأة. فإن مرض الرجل فأفطر في شهري صيامه أو أكل فيهما ناسيا قضى ذلك ووصله بصيامه، فإن ترك أن يصله بصيامه ناسيا أو جاهلا أو متعمدا استأنف صيامه. ثم قال: ومحمد بن عبد الحكم يرى أنه يعذر في تفرقة الصوم بالنسيان لأنه أمر غالب كالمرض انتهى. وكذلك كلام اللخمي قريب من ذلك ونصه: الصوم عن الظهار شهران متتابعان حسبما ورد به القرآن، فمن أتى به متفرقا متعمدا لم يجزه، وإن كانت التفرقة عن مرض أجزأ. أو اختلف إذا كانت عن نسيان أو خطأ. ثم ذكر الخلاف وذكر ما نقله المصنف عنه في التوضيح ثم قال في آخر كلامه: ومن أكل في نهاره بعد أن كان بيت الصوم ناسيا قضى يوما ووصله بصيامه وأجزأه ولم يستأنف، لأن بعض أهل العلم قال: إنه صوم صحيح لا يجب قضاؤه، وقياس المذهب أن يكون بمنزلة من بيت الفطر لأنه لم يختلف قول مالك وأصحابه أنه صوم فاسد يجب قضاؤه ولا يحتسب به انتهى. فقوله: وقياس المذهب يدل على أنه ليس فيه خلاف منصوص، فبان من كلامهما أنهما لم ينقلا الخلاف إلا في تفرقة النسيان لا فيمن أفطر ناسيا كما قاله المصنف في التوضيح. وما نقله ابن عرفة عن ابن رشد هو كذلك فيه لا في عز وسماع يحيى فقط فإني لم أره إلا في سماع سحنون كما تقدم بيانه.
ونص كلام ابن عرفة ابن رشد في سماع يحيى لا يعذر بتفرقة النسيان، وعذره به ابن عبد الحكم انتهى. وهذا هو الذي يظهر من كلامه في الجواهر ولم يذكر في التوضيح ما شهره ابن الحاجب إلا عن ابن عبد الحكم وقد شهره صاحب اللباب وذكر في المتيطية وفي معين الحكام مثل ما في المدونة فقط من غير ذكر خلاف والله أعلم. هذا ما ظهر لي في ذلك وما ظهر له الحق بعد هذا الكلام في طريق فليتبعه والله الهادي للصواب.
تنبيه: أدخل المصنف في التوضيح في الخطأ مسألة من صام تسعة وخمسين ثم أصبح معتقدا للتمام وهي من التفرقة نسيانا والله أعلم. ثم فرع المصنف مسألة اليومين فقال: فإن لم
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 ... » »»
الفهرست