مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٥ - الصفحة ٣٥٦
وهو مجهول الحصول، أو يكون للتبرك لا للتعليق. انتهى. الثاني قال البرزلي في مسائل الايمان:
وسئل أبو القاسم الغبريني عمن حلف بالطلاق ما يموت إلا على الاسلام إدلالا على كرم الكريم، هل يكون عليه شئ أم لا؟ جوابها إذا كان مراده بذلك أنه لا يكفر بعد إيمانه ولا ينتقل عن إسلامه فهذا بين أنه لا شئ عليه لأنه إنما حلف أن يثبت على إسلامه. البرزلي:
وسكت عن مراده إن قصد حسن الخاتمة أو دخول الجنة، وعندي أنها تجري على مسألة من حلف أنه من أهل الجنة والمشهور " الحنث. وقيل: لا حنث عليه. ومنهم من يفرق بين أن يستدل عليه ويثبت له دليل بالأحاديث مثل حلفه على عمر بن عبد العزيز أنه من أهل الجنة فلا يلزمه يمين وإلا لزمه الحنث لأن العلماء أجمعوا على عدالته، ورأيت في بعض كتب التصوف أن بعض أمراء بني العباس حلف أنه يدخل الجنة فاستفتى الفقهاء فأفتوه بالحنث إلا رجلا منهم قال له: عرض لك معصية قط وتركتها لوجه الله؟ قال: نعم واعدت امرأة لأفعل بها فلما تحصلت لي وهممت بالفعل خفت من الله وتركت شهوتي فقال: لا حنث عليك لقوله تعالى:
* (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى) * (النازعات:
40 - 41) ورأيت فيه أيضا في رجل صعد لشجرة عريانا فحلف آخر أنك لا تنزل إلا مستورا ورأيت فيه أيضا في رجل صعد لشجرة عريانا فحلف آخر أنك لا تنزل إلا مستورا ولا يمد أحد إليك لباسا فأفتوه بالحنث إلا رجلا منهم قال له: انزل بالليل ولا حنث على الحالف لقوله تعالى: * (وجعلنا الليل لباسا) * اه‍.
قلت: وهذا جار على مذهب أهل العراف الذين يراعون ظواهر الألفاظ لا المقاصد، والآتي على مذهب مالك رحمه الله حنثه إلا أن يدل سياق على ما قال. وعكس هذه المسألة إذا حلف أن الحجاج من أهل النار فاختلف فيها أيضا لأنه من أهل القبلة، وقد رأيت بعض الفقهاء أفتاه بعدم الحنث وقال: إن كان هذا حانثا فجنايته أقل من جناية الحجاج ومع ذلك رجى له النجاة، وإن كان صادقا فقد وافق. ونزلت قضية وهي أن رجلا حلف بالثلاث أن تبارك الملك تجادل عنه فاستفتى بعض أصحابنا فقال: تطلق عليه لأن هذا مظنون. وقلت أنا: لا حنث عليه لوجوه منها: أنه حلف على أنها تجادل عنه وهذا من العمليات، ونص الأصوليون على أن العمل بخبر الآحاد قطعي بخلاف ما لو حلف على أن هذا الحديث صحيح وخبر الآحاد مظنون غير مقطوع به. ومنها أن هذا الحديث ثبت في الموطأ. وحكي في المدارك عن بعض عدول المحدثين أنه إذا حلف الانسان أن كل ما وقع في الموطأ صحيح فإنه لا يحنث.
ومنها أن الاحكام مبنية على غلبة الظنون. واحتج من خالف بأن من قال تجادل عن صاحبها وكيف يعرف أنه من أصحابها فأجبته: إذا ثبت له وصف الصحيح المذكورة في أصحابه (ص) على أكمل وجوه ما قيل فيها من كثرة الملازمة لقراءتها وتحصيل ما أوجب ثلوج صدره بأنه كذلك وهو مستفت وكذا وقع السؤال، هل الحجاج أعظم معصية من الزمخشري أو بالعكس؟
فوقع الجواب أن على القول بأن مذهبه يقود إلى الكفر فهو أعظم، وإن قلنا يقود إلى الفسق
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»
الفهرست