مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٥ - الصفحة ٢٢٣
الصداق. ولما مشى المصنف على قول ابن القاسم وكانت هذه تشبه ما إذا خالعته على عبد أو شئ تعطيه جمعهما للاختصار انتهى. وكذا قال في التوضيح لما فرغ من توجيه قول ابن القاسم: وعلى هذا فهذه المسألة بمنزلة ما إذا خالعته على عبد أو شئ انتهى. وما مشى عليه المؤلف مخالف لما مشى عليه ابن الحاجب فإنه مشى على قول أشهب. وأما قوله: لا إن قالت طلقني إلى آخره فيعني به أن قولها: طلقني ليس كقولها: خالعني بل هو مخالف له ولها نصف ما بقي. هذا معنى كلامه. أما كون طلقني مخالفا لخالعني فلا شك فيه. وأما قوله: لها نصف ما بقي فلم أره منقولا في التوضيح ولا اللخمي الذي نقله عنه في التوضيح، وإنما لها النصف من أصل الصداق ويقاصها بعشرة. وقد عقد اللخمي لهذه المسألة فصلا في التبصرة في كتاب إرخاء الستور فليذكره. قال رحمه الله: باب حكم الصداق في المختلعة قبل الدخول وبعده وهل يسقط الخلع ديون الزوجة. وإذا قالت اخلعني أو اتركني أو تاركني أو بارئني على عشرة دنانير وكانت مدخولا بها، كانت له العشرة ولها صداقها كاملا، وسواء قالت ذلك مطلقا أو شرطت العشرة من صداقها، وإن كانت غير مدخول بها وقالت بارئني على عشرة دنانير، فإن شرطت العشرة من الصداق سقطت العشرة من جملته وكان الباقي بينهما نصفين، وسواء قالت اخلعني أو طلقني إذا شرطت العشرة من الصداق. واختلف إذا لم تشترط من الصداق وقالت على عشرة دنانير ولم تزد على ذلك فقال ابن القاسم: إن قالت طلقني على عشرة دنانير كانت له العشرة والصداق ثابت بينهما يقتسمانه نصفين، وإن قالت اخلعني لم يكن لها من الصداق شئ، وإن لم تكن قبضته لم تأخذ شيئا، وإن قبضته ردت جميعه. وقال أشهب: قولها طلقني واخلعني له العشرة ولها نصف الصداق قبضته أو لم تقبضه. وقال أصبغ في كتاب ابن حبيب: إن لم تكن قبضته لم تأخذ شيئا. وإن قبضته فهو لها كله ولا شئ له إلا ما خلع عليه، وإن قبض بعضه لم يكن له مما قبض شئ، وسواء قالت اخلعني أو طلقني.
وقول أشهب: أحسن لأن قولها اخلعني أو بارئني أو تاركني إنما يتضمن خلع النفس والابراء من العصمة والمتاركة فيها ليس الاخلاع من المال ولا الابراء منه ولا المتاركة فيه، ولو كان ذلك لسقط الصداق عنه إذا كان مدخولا بها، وكذلك غيره من ديونها. وقد أجمعوا أن هذه الألفاظ الانخلاع والمبارأة والمتاركة. إنما يراد بها بعد الدخول النفس دون المال، فوجب أن يكون حقها في النصف قيل الدخول ثابتا، وكذلك إن لم يكن دخل بها وكان لها عليه دين فقالت اخلعني أو بارئني، لا خلاف أن دينها باق. وكذلك إذا قالت قبل الدخول اخلعني على ثوبي هذا أو عبدي هذا، فعلى قول ابن القاسم يسقط الصداق ولا يكون لها منه شئ قبضته أم لم تقبضه، وعلى قول أشهب يمضي العبد أو الثوب للزوج والصداق عليه وهو أحسن في هذا الأصل انتهى. فعلم من هذا أن المؤلف إنما مشى في مسألة خالعني على عشرة إلى آخره على قول ابن القاسم، لأنهم جعلوا سقوط النصف في المسألة خالعني على ثوبي مقيسا على
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»
الفهرست