مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٥٤
المواقيت. وسئل أيضا: أيحرم من الجحفة من المسجد الأول أو الثاني؟ قال: ذلك واسع ومن الأول أحب إلينا انتهى. ونقله سند وذكر المسألة الأخيرة في رسم حلف ليرفعن من سما ابن القاسم إلا أنه لم يقل ومن الأول أحب إلينا ولم يزد ابن رشد في شرحها شيئا غير أنه ذكر كلام مالك الأول أعني قوله مهل ومن أوله أحب إلي وعزاه للمختصر الكبير. وانظر هل مراد مالك بالمسجد الأول رابغ أم لا؟ والله أعلم.
تنبيه: يستثنى من هذا من أحرم من ذي الحليفة فإنه تقدم أن الأفضل له أن يركع للاحرام في مسجدها ثم يحرم إذا خرج منه، وتحرم الحائض من فنائه ولا تدخل. وتقدم قول صاحب الطراز أن مسجدها يقصد لركوع الاحرام اقتداء به عليه السلام، وإن من أحرم من سائر المواقيت عداء فالأفضل له أول الميقات والله أعلم.
فائدة: قال ابن مسدي في خطبة منسكه: وعن سفيان بن عيينة قال: قال رجل لمالك ابن أنس: من أين أحرم قال: أحرم من حيث أحرم (ص). فأعاد عليه مرارا وقال: فإن زدت على ذلك؟ قال: فلا تفعل فإني أخاف عليك الفتنة. قال: وما في هذه من الفتنة إنما هي أميال أزيدها فقال مالك: قال الله تعالى: * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) * قال: وأي فتنة في هذا؟ قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك أصبت فضلا قصر عنه رسول الله (ص)، أو ترى أن اختيارك لنفسك في هذا خيرا من اختيار الله لك واختيار رسول الله (ص) انتهى. وقال فيه أيضا: روينا عن معن بن عيسى قال:
سمعت مالكا يقول: إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وما لم يوافق السنة من ذلك فاتركوه انتهى. ص: (وإزالة شعثه) ش: الضمير عائد إلى الذي يريد الاحرام يعني أن الأفضل لمن يريد الاحرام أن يزيل شعثه بأن يقلم أظفاره ويقص شاربه ويحلق عانته وينتف إبطه ويزيل الشعر الذي على بدنه ما عدا شعر رأسه فإن الأفضل له إبقاؤه طلبا للشعث في الحج، لكن نص ابن بشير على أن الأفضل أن يلبده بصمغ أو غاسول فيلتصق بعضه على بعض وتقل دوابه أي لا يكثر فيه القمل. ونقله المصنف في التوضيح بلفظ: ويقتل دوابه. ونقل في مناسكه بلفظ: وتموت دوابه. وذلك مشكل لأنه يقتضي أن ذلك يقتل دواب رأسه بعد أن يلتصق الشعر بعضه على بعض فيكون حاملا للنجاسة أو شاكا في ذلك لأن القملة إذا ماتت نجست على المشهور كما تقدم في كتاب الطهارة. وأيضا فإن يحمل على أن يقع القتل للقمل بعد الاحرام، والذي في لفظ ابن بشير إنما هو لتقل دوابه من القلة ضد الكثرة
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست