مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٢٧٣
فاتت الأيام الثلاثة تعينت بمكة، فإن ذبح الهدي بمنى في اليوم الرابع لم يجزه ووجب عليه بدله. ونقل التادلي عن عياض ما هو أقوى من ذلك ونصه: الثاني أن يكون النحر في أيام منى وهي أيام التشريق وهي الأيام المعدودات انتهى. فإن هذا الكلام يقتضي خروج اليوم الأول عن كونه محلا للبحر لكونه ليس من أيام التشريق ولا من الأيام المعدودات وهذا لا يقوله أحد.
قال في المدونة في آخر كتاب الضحايا: وأيام النحر ثلاثة: يوم النحر ويومان بعده، وليس اليوم الرابع من أيام الذبح وإن كان الناس بمنى انتهى. وقال اللخمي في كتاب الحج: والنحر والذبح بمنى ومكة يختلف. فأما منى فيختص ذلك فيها بأيام معلومة وهي يوم النحر ويومان بعده، فإن ذهبت لم يكن منحرا ولا مذبحا إلا لمثله من قابل، وأما مكة فكل أيام السنة منحر بها ومذبح انتهى، ونقله أبو الحسن في كتاب الحج الثاني في شرح قول المدونة. وإن فاته أن يقف به بعرفة فساقه إلى منى. ونقله التادلي عن اللخمي. وقال ابن عرفة: والمكاني بمنى بشرط كونه في يوم النحر أو تالييه في حج انتهى. وقال في الطراز عن الموازية فيمن وجد بدنة بمنى: يعرفها إلى ثالث النحر وهو اليوم الثاني من أيام منى ثم ينحرها فإن لم ينحرها بمنى في ثالث النحر فلا ينحرها بمنى ثالث أيام منى ولكن بمكة، فإن نحرها بمنى فعليه بدلها انتهى. ونقل في النوادر كلام الموازية فقال: ومن ضل هديه الذي أوقفه بعرفة فوجده في اليوم الثالث من أيام منى فلا ينحره إلا بمكة لزوال أيام النحر وهو ظاهر والله أعلم.
فائدة: قال القاضي عياض في التنبيهات في آخر كتاب الصلاة الثاني: وأيام التشريق هي يوم النحر وثلاثة بعده، سميت بذلك لصلاة التشريق وهي صلاة العيد لكونها عند شروق الشمس، وسميت سائر الأيام باسم أولها كما قيل أيام العيد. وقد روي عنه عليه السلام أنه قال: من ذبح قبل التشريق أعاد. وقيل: لأنهم كانوا لا يذبحون فيها إلا بعد شروق الشمس - وهو قول ابن القاسم - أن الضحية لا تذبح في اليوم الأول ولا في الثاني حتى تحل الصلاة، وخالفه أصبغ في غير اليوم الأول. وقيل: سميت بذلك لأن الناس يشرقون فيها لحوم ضحاياهم أي ينشرونها لئلا تتغير. وقيل: لأن الناس يبرزون فيها إلى المشرق وهو المكان الذي يقيم فيه الناس بمنى تلك الأيام. وكذا يأتي لأصحابنا وغيرهم أنها الأربعة أيام. وقال مالك في الموطأ وغيره: أيام التشريق هي الأيام المعدودات وهي الثلاثة التي بعد النحر وهو الأكثر، ومثله لابن عباس. وذكر البخاري كان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق انتهى. وتقدم عند قول المصنف كان يقال للإفاضة طواف الزيارة. عن ابن أبي زيد أن مالكا كره أن يقال أيام التشريق وقد قال الله عز وجل: * (واذكروا الله في أيام معدودات) * ص: (وإلا فمكة) ش: أي وإن اختل شرط مما ذكر تعين الذبح بمكة. قال في
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست