مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ١٣١
الرابع: قال ابن جماعة الشافعي: اشتهر عند كثير من العوام ترجيح الوقوف على جبل الرحمة على الوقوف على غيره أو أنه لا بد من الوقوف عليه، ويختلفون بذلك قبل وقت الوقوف ويوقدون الشمع عليه ليلة عرفة ويهتمون باستصحابها من بلادهم ويختلط الرجال بالنساء في الصعود والهبوط وذلك خطأ وجهالة وابتداع قبيح حدث بعد انقراض السلف الصالح نسأل الله إزالته وسائر البدع. وشذ بعض أهل العلم من متأخري الشافعية فاستحب الوقوف عليه وسماه جبل الدعاء وليس لذلك أصل انتهى. قلت: ذلك المحب الطبري في القربى استحباب طلوعه، وعبر المصنف بالحضور لينبه على أن المراد بالوقوف الكون بعرفة مع الطمأنينة على أي وجه حصل ذلك بقيام أو جلوس أو اضطجاع ما عدا المرور ففيه تفصيل يذكره المصنف. قال سند: ولا يشترط أحد في الوقوف قياما وإنما هو الكون بعرفة فكيف ما كان أجزأه قائما كان أو جالسا أو ماشيا أو راكبا وكيف ما تصور. وقال بعده: الواجب من الوقوف الكون بها على أي وجه كان، والمستحب أن يقف قائما إن كان ماشيا أو يركب ناقته مستقبل القبلة انتهى. قال ابن عبد السلام: ليس المراد من لفظ الوقوف حقيقته وإنما المراد منه الطمأنينة بعرفة، سواء كان فيها واقفا أو جالسا أو غير ذلك ما عدا المرور من غير طمأنينة فهو المختلف فيه. وإنما كثر استعمالهم الوقوف هنا لأنه أفضل الأحوال في حق أكثر الناس والركوب لا يتأتى في حق الأكثر انتهى. وقال في التوضيح: المراد للوقوف بعرفة الطمأنينة ولو جالسا انتهى. وقال ابن فرحون: ليس المراد بالوقوف القيام على الرجلين، فالراكب بغيره يسمى واقفا بل المراد الطمأنينة بعرفة، سواء كان فيها واقفا أو جالسا أو مضطجعا، ما عدا المرور من غير طمأنينة فهو المختلف فيه انتهى. وقول المصنف ولو مر أن نواه أشار به إلى الخلاف في إجزاء المرور بعرفة من غير طمأنينة، فمذكر أنه يجزئ إذا نوى به الوقوف ويريد إذا عرفها بدليل قوله بعد هذا إلا الجاهل. وما ذكره من إجزاء المرور إذا نوى به الوقوف، وهذا أحد الأقوال الأربعة وعزاه في التوضيح لابن المواز، وعزاه ابن عرفة للشيخ عن ابن المواز ولابن محرز. وذكر في التوضيح عن سند أنه شهر إجزاء المرور وإن لم يعرفها ولم ينو الوقوف وهو ظاهر كلام سند. وقيل يجزئ مروره إذا عرفها وإن لم ينو الوقوف وإنما يجزئ المرور، وإذا عرفها ونوى الوقوف وذكر الله. وقيل بالوقف. ذكر هذه الأقوال الأربعة ابن عرفة.
تنبيهات: الأول: قال ابن عبد السلام: وإذا قيل إن المرور يجزئ فقال في كتاب محمد عليه دم ونقله ابن فرحون الثاني: فهم من كلام المصنف إن من وقف بعرفة نهارا ولم يقف ليلا لم يجزه، وهو مذهب مالك. وقال الشافعي وأبو حنيفة: يجزئه وعليه دم. قال الجزولي في باب جمل من الفرائض: وهي قوله عندنا في المذهب. وقال ابن عبد السلام: أجمعوا على أن من وقف ليلا يجزيه. والحاصل أن زمن الوجوب موسع وآخره طلوع الفجر. واختلفوا في مبدئه: فالجمهور أن
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست