مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ١٢٥
يحرم، وذلك لأن كل واحد منهما قد حصل له التحلل الأول برمي جمرة العقبة، فإذا رجع كل واحد منهما فإنه يرجع على بقية إحرامه الأول فلا يجدد إحراما من الميقات إذا مر به لأن الاحرام لا يدخل على بقية إحرام الحج، ولا يلبي في طريقه لأن تلبيته قد انقطعت. قاله في الطراز. فإذا وصل كل واحد منهما إلى مكة كمل ما بقي عليه، فالذي لم يصح طواف قدومه بقي عليه السعي لكن السعي لا يصح إلا بتقديم طواف فيطوف أولا ثم يسعى فيتم تحلله من الحج. قاله في الطراز. قلت: وينوي بطوافه الذي يأتي به قبل السعي طواف الإفاضة، لأن طواف القدوم فات محله بالوقوف بعرفة ولزمه إعادة السعي بعد طواف الإفاضة، فإن لم يعد السعي بعد طواف الإفاضة بطل طواف الإفاضة. قاله أبو إسحاق التونسي. وصار كمن فرق بين طواف الإفاضة والسعي فيعيد طواف الإفاضة ويسعى بعده وهذا ظاهر والله أعلم. والذي لم يصح طواف إفاضته يطوف الإفاضة فقط ولا يحلق واحد منهما لأنه قد حلق بمنى، فإذا كمل كل واحد منهما إحرامه فذكر المصنف أنه يأتي بعمرة وأن جل الناس يقولون لا عمرة عليه إلا أن يطأ.
تنبيهات: الأول: هذا الخلاف الذي ذكره المصنف في العمرة لم يذكره في المدونة إلا فيمن أصاب النساء. قال في كتاب الحج الأول: والمفرد بالحج إذا طاف الطواف الواجب أول ما دخل مكة وسعى بين الصفا والمروة على غير وضوء ثم خرج إلى عرفات فوقف المواقف ثم رجع إلى مكة يوم النحر فطاف طواف الإفاضة على غير وضوء ولم يسع حتى رجع إلى بلده فأصاب النساء والصيد والطيب ولبس الثياب فليرجع لابسا للثياب حلالا إلا من النساء والصيد والطيب حتى يطوف ويسعى ثم يعتمر ويهدي وليس عليه أن يحلق إذا رجع بعد فراغه من السعي لأنه قد حلق بمنى، ولا شئ عليه في لبس الثياب لأنه لما رمى الجمرة حل له لبس الثياب، ولا شئ عليه في الطيب لأنه بعد رمي جمرة العقبة فهو خفيف، وعليه لكل صيد أصابه الجزاء، ولا دم عليه لتأخير الطواف الذي طافه حين دخل مكة على غير وضوء، وأرجو أن يكون خفيفا لأنه لم يتعمد ذلك وهو كالمراهق، والعمرة مع الهدي تجزئه من ذلك كله، وجل الناس يقولون لا عمرة عليه انتهى. فلم يذكر العمرة إلا مع إصابة النساء، وإن لم يصب النساء فلا عمرة عليه. صرح بذلك في الموازية ونقله ابن يونس وعبد الحق في نكته وتهذيبه.
قال ابن يونس: قال ابن المواز: وإذا لم يطأ فليرجع فيفعل ما وصفنا ويهدي هديا واحدا ولا عمرة عليه. ولو ذكر ذلك بمكة بعد أن فرغ من حجه فليعد طوافه وسعيه ولا دم عليه انتهى.
وقال في النكت: قال ابن المواز: في الذي طاف على غير وضوء: لو أنه ذكر ذلك ولم يطأ فعل ما ذكره ولا عمرة عليه وعليه الهدي، ولو ذكر ذلك وهو بمكة بعد أن فرغ من حجه فليعد طوافه وسعيه ولا دم عليه انتهى. ونحوه في تهذيبه ونقله الشيخ أبو الحسن. وقال صاحب الطراز: فإن لم يقرب النساء فلا عمرة عليه. ونحوه للشيخ أبي إسحاق التونسي. ولم أر من ذكر العمرة مع عدم إصابة النساء إلا ابن الحاجب وقبله ابن عبد السلام والمصنف وابن
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست