مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٥٢٠
مع الكبار من الأدب والدين وإعمال الأمة من الواجبات والمندوبات في صحيفته (ص). وذكر ابن الحاج الحنبي في اختيارات ابن تيمية أن إهداء القرب له (ص) وهي أعم من القرآن وغيره لا يستحب بل هو بدعة وأنه الصواب المقطوع به. ونقل عن ابن مفلح في فروعه أنه قال: لم يكن من عادة السلف إهداء الثواب إلى موتى المسلمين بل كانوا يدعون لهم، فلا ينبغي الخروج لهم ولم يره من له أجر العامل كالنبي (ص) ومعلم الخير بخلاف والد الشخص فإن له أجرا كأجر الولد لأن العامل يثاب على إهدائه فيكون له أيضا مثله كما في الحديث الصحيح إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له قال: وأقدم من بلغنا أنه فعل ذلك علي بن الموفق وأنه كان أقدم من الجنيد وأدرك الإمام أحمد وطبقته وعاصره وعاش بعده وأصحابنا إنما قالوا: إنه في طبقة الجنيد.
وسئل الشيخ عماد الدين بن العطار تلميذ النووي رحمهما الله، هل تجوز قراءة القرآن وإهداء الثواب إليه (ص)؟ وهل فيه أثر؟ فأجاب بما هذا لفظه: أما قراءة القرآن العزيز فمن أفضل القربات، وأما إهداؤه للنبي (ص) فلم ينقل فيه أثر ممن يعتد به بل ينبغي أن يمنع منه لما فيه من التهجم عليه فيما لم يأذن فيه مع أن ثواب التلاوة حاصل له بأصل شرعه (ص) وجميع أعمال أمته في ميزانه، وقد أمرنا الله بالصلاة عليه وحث (ص) على ذلك وأمرنا بسؤال الوسيلة والسؤال بجاهه فينبغي أن يتوقف على ذلك مع أن هدية الأدنى للأعلى تكون إلا بالاذن انتهى كلامه. قال صاحبنا الشيخ شمس الدين السخاوي تلميذ شيخنا قاضي القضاة ابن حجر في مناقبه التي أفردها أنه سئل عمن قرأ شيئا من القرآن وقال في دعائه اللهم اجعل ثواب ما قرأته زيادة في شرف رسول الله (ص). فأجاب: هذا مخترع من متأخري القراء لا أعلم لهم سلفا فيه. وقال الشيخ زين الدين عبد الرحمن الكردي في كتاب النصيحة: وقع السؤال عن جواز اهداء القرآن للنبي (ص). والجواب أن ذلك شئ لم يرو عن السلف فعله ونحن بهم نقتدي وبذلك نهتدي. ثم توسع في هذه المسألة وليته اقتصر على كلامه الأول ولكنه قال:
وأجاب بعضهم بجوازه بل باستحبابه قياسا على ما كان يهدى إليه في حياته من الدنيا، وكما طلب الدعاء من عمر وحث الأمة على الدعاء بالوسيلة عند الآذان وعلى الصلاة عليه. ثم قال:
وإن لم تفعل ذلك فقد اتبعت وإن فعلت فقد قيل به. وقال الشيخ زين العابدين خطاب: هذه المسألة لا توجد في كلام المتقدمين من أئمتنا وأكثر المتأخرين منع من ذلك.
وقال الشيخ نجم الدين القاضي ابن عجلون: قد توسع الناس في ذلك وتصرفوا في التعبير عنه بعبارات متقاربة في المعنى كقولهم في صحيفته (ص) أو نقدمها إلى حضرته أو زيادة في شرفه، وقد تقترن بذلك هيئات تخل بالأدب معه (ص) وما ألجأهم، إلى ارتكاب ذلك مع أن جميع حسنات الأمة في صحيفته وقد قال (ص): دع ما يريبك إلى ما لا يريبك قال: الذي ينبغي ترك ذلك والاشتغال بما لا ريب فيه كالصلاة عليه (ص) وسؤال الوسيلة وغير ذلك من
(٥٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 515 516 517 518 519 520 521 522 523 524 525 ... » »»
الفهرست