مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٤٢٧
صلاة المقتدي به. والذي يقتضيه كلام اللخمي وابن رشد أن صلاته هو في نفسه صحيحة مطلقا، وإنما الخلاف في صلاة من اقتدي به وهو الذي يقتضيه كلام ابن يونس، فإنه لما ذكر قول ابن اللباد ببطلان صلاة من يلحن في أم القرآن قال: يريد إلا أن يستوي حالهما. وذكر عنه ابن عرفة أنه قال: مثل ذلك لما ذكر قول القابسي بالبطلان مطلقا، والذي يقتضيه كلام المازري وعبد الحق المصنف في التوضيح أنه إذا بطلت صلاة المقتدي به بطلت صلاته. قال المازري بعد كلامه السابق: وسبب الخلاف في هذه المسألة هي يخرج الملحن الكلمة الملحون فيها عن كونها قرآنا ويلحقها بكلام البشر أو لا يخرجها عن كونها قرآنا؟ انتهى كلام عبد الحق السابق. وقال في التوضيح: الخلاف المذكور ينبني على اللحن هل يلحق القراءة بكلام الناس ويخرجه عن كونه قرآنا أم لا؟ انتهى. والذي يظهر أن يفصل في ذلك على ما سنذكره في التنبيه الثالث والله أعلم.
الثالث: إذا وقع اللحن من المصلي في الصلاة فلا يخلو إما أن يكون سهوا أو غير سهو.
فإن كان سهوا فلا شك أن ذلك لا يبطل الصلاة سواء وقع في الفاتحة أو في غيرها، وسواء غير المعنى أم لم يغيره. لأن غايته أن يكون ذلك بمنزلة من تكلم في الصلاة سهوا وذلك لا يبطلها. وغايته أيضا أن يكون اللاحن أسقط من الفاتحة كلمة أو كلمتين أو ثلاثا سهوا لان ذلك أكثر ما يمكن أن يقع فيه اللحن سهو في الغالب وذلك لا يبطلها، لأنه قد تقدم من ترك آية منها سجد للسهو ولا تبطل صلاته فكيف بالكلمتين والثلاث؟ فكيف بمن لم يترك ذلك حقيقة. وإن كان اللحن الواقع في الصلاة على غير وجه السهو فلا يخلو إما أن يكون عمدا مع القدرة على الاتيان بالصواب، أو أتى به المصلي لعدم قدرته على الاتيان بالصواب. فإن كان ذلك مع القدرة على الاتيان بالصواب فلا شك في بطلان صلاة فاعل ذلك وصلاة من اقتدى به، لأنه قد تكلم في الصلاة بغير القرآن والذكر عمدا الكلمة الواحدة تبطل الصلاة.
وإن كان اللحن لعدم القدرة على الاتيان بالصواب، فإن كان ذلك لعجز عن التعليم إما لعدم قبول ذلك طبعا كبعض الأعاجم وجفاة الاعراب وكثير من العبيد والإماء أو لضيق الوقت عن التعليم مع عدم القدرة على الائتمام بمن لا يلحن في الوجهين، فلا شك في صحة صلاته في نفسه ويصير ذلك كاللكنة، ويجري الخلاف المتقدم في صلاة المقتدي به. وإن كان ذلك مع القدرة على التعلم وإمكانه وإمكان الاقتاء فيجري الخلاف في صلاته هو على الخلاف فيمن عجز عن الفاتحة وقدر على الائتمام هل تبطل صلاته أم لا. وتقدم أن في ذلك قولين. وأن ظاهر المذهب البطلان. وأشار المصنف في التوضيح إلى هذا، وقال ابن الحاجب: والظاهر أن من يمكنه التعلم كالجاهل في البابين. قال في التوضيح: يريد بالبابين اللحان والألكن. ويعني أنه إذا أمكن كل واحد منهما أن يتعلم فهو غير معذور انتهى والله أعلم. وأما المسألة الثانية وهي قوله وبغير مميز بين ضاد وظاء خلاف والمعنى أنه اختلف في صلاة من اقتدى بمن لا يميز بين
(٤٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 ... » »»
الفهرست